تطور معاني العقل في الأدب العربي من الحسي إلى المجرد
د. عبد الحليم عبد
الله
جامعة أردهان، تركيا
البريد الإلكتروني: dr.halim40@gmail.com
معرف (أوركيد): 0000-0002-5298-9741
بحث
أصيل |
الاستلام:
1-4-2025 |
القبول:
25-4-2025 |
النشر:
30-4-2025 |
الملخص:
يتناول
هذا البحث التطور الدلالي لكلمة "العقل" في العربية، بوصفها قوة إدراكية
تميز الإنسان، مع أن أصلها اللغوي لا يدل على هذا المعنى في بدايته. فعلى الرغم من
أن المعاجم تناولت المعاني الحسية والمجردة للكلمة، فإنها لم تبحث في مسار تطورها
التاريخي. وتبرز أهمية البحث في تقديم تصور جديد لتدرج دلالات "العقل"
من المحسوس إلى المجرد، بالاعتماد على المعاجم القديمة، وشواهد سياقية من العصرين
الجاهلي والإسلامي، وقد انقسم البحث إلى ثلاثة أقسام: القرائن الدالة على تدرج
المعاني، الدلالات الحسية واشتقاقاتها، ثم الدلالات المجردة وتطورها نحو المعنى
العقلي. وخلص إلى أن الأصل الأول لـ "العقل" هو الحبل أو الرباط، ثمةالمرض في الركبتين، فالمنع، ثم الإدراك. أما
"عَقَلَ" فبدأ بمعنى ربط، ثم حبس، ثم تدرج إلى الإدراك والبلوغ.
الكلمات
المفتاحية:
علم الدلالة، التطور الدلالي، المعجم،
الأدب العربي، العقل.
للاستشهاد/ :Atif İçin / For Citation عبد الله، عبد الحليم. (2025). تطور معاني العقل في الأدب العربي من الحسي إلى المجرد. ضاد مجلة
لسانيات العربية وآدابها. مج6، ع11، 61- 87https://www.daadjournal.com/ /
The
Semantic Development of ʿAql (Intellect) in Arabic Literature: From the Concrete to the Abstract
Assistant
Professor, Ardahan University, Turkey
E-mail: dr.halim40@gmail.com
Orcid ID: 0000-0002-5298-9741
Published:
30.04.2025 |
Accepted: 25.04.2025 |
Received:
01.04.2025 |
Research Article |
Abstract:
This study explores the semantic evolution of the
Arabic word ʿaql (reason/intellect), originally
denoting a physical concept unrelated to cognition. Although classical Arabic
dictionaries address both its concrete and abstract meanings, none has traced
its historical semantic development. The study presents a novel perspective on
the gradual transition of ʿaql from tangible to
abstract meanings, drawing on early dictionaries and contextual evidence from
the pre-Islamic and Islamic periods. It is structured in three parts:
contextual clues indicating semantic progression; material, sensory meanings of
ʿaql and its derivatives; and abstract,
intellectual meanings and their development. The findings reveal that the word
initially meant "rope" or "tie," then evolved to denote
"a knee condition," "restraint," and eventually
"intellect." The verb ʿaqala
originally meant "to tie," then "to restrain," and later
came to signify rational perception and legal maturity.
Keywords:
Semantics,
Semantic Development, Lexicon, Arabic Literature,
ʿaql (Intellect).
1. الدراسات
السابقة:
الدراسات السابقة التي تناولت مفهوم العقل
غير قليلة، لكنها في معظمها على تأصيل المعنى اللغوي وتحديد المعنى الاصطلاحي
لكلمة العقل، أو استنباط العلاقة بين العقل ومقابلات أخرى كالذهن والفكر
والمسؤولية وما شابه ذلك، وهي على الرغم من كثرتها غير أنّها لا تتطابق تماما
وخُطَّتنا في هذا البحث الذي أردنا من خلاله أن نحدد السيرورة التاريخية لتطور
المعاني اللغوية الكثيرة التي أثبتتها المعاجم لكلمة العقل ومشتقاتها، وهذا ما
نزعم تفرّد بحثنا فيه، ومن هذه الدراسات:
لا بد أن نتوقف في
هذا السياق عند واحد من أبرز المفكرين والفلاسفة العرب في العصر الحديث، وهو محمد
عابد الجابري، الذي أصدر سلسلة بعنوان "نقد العقل العربي"، وتضمنت أربعة
كتب يُعتقد للوهلة الأولى أنها على صلة وثيقة بموضوع البحث، وهي:
1-1- تكوين العقل العربي: وهو
الكتاب الأول في سلسلة (نقد العقل العربي1) صادر عن مركز دراسات الوحدة في عام
1984م، وقد قسم كتابه قسمين، الأول بعنوان: العقل العربي بأي معنى؟ وقد ذهب
الجابري إلى أنه تناول العقل بوصفه الفكر والثقافة، والقسم الثاني بعنوان: تكوين
العقل العربي: المعرفي والأيديولوجي في الثقافة العربية بالعرب، وبالمختصر فإن
الكتاب بأكمله كان لدراسة نشأة الفكر العربي وتكوينه وأنواعه عبر التاريخ، والكتاب
لم يتطرق إلى تطور مفهوم العقل بأي شكل من الأشكال، وهذا ما يجعله بعيدا عن موضوع
دراستنا.
1-2- بنية العقل العربي: وهو
الكتاب الثاني في سلسلة (نقد العقل العربي2) صادر عن مركز دراسات الوحدة في عام
1986م، وقد قسم كتابه أربعة أقسام، هي: القسم الأول: البيان، والقسم الثاني:
العرفان، والقسم الثالث: البرهان، والقسم الرابع: تفكك النظم ومشروع إعادة
التأسيس، والكتاب بمجمله يبحث في بنية التفكير في الثقافة العربية ويحلل القوى
الثقافية التي أثرت على تطوره، والكتاب بعيد عن موضوع دراستنا وإن اشترك معها بشيء
من العنوان.
1-3- العقل السياسي العربي:
وهو الكتاب الثالث في سلسلة (نقد العقل العربي3) صادر عن مركز دراسات الوحدة في
عام 1990م، وقد قسم كتابه قسمين، الأول بعنوان: محددات، والثاني بعنوان: تجليات،
وهو في كل ما سبق يركز على طبيعة السلطة السياسية في الثقافة العربية، والكتاب
بعيد عن موضوع دراستنا وإن اشترك معها بشيء من العنوان.
1-4- العقل الأخلاقي العربي:
وهو الكتاب الرابع في سلسلة (نقد العقل العربي4) صادر عن مركز دراسات الوحدة في
عام 2001م، وقد قسم كتابه قسمين،
الأول بعنوان: المسألة الأخلاقية في التراث العربي، والثاني بعنوان: نظم القيم في
الثقافة العربية، ومن الجدير بالذكر أن المؤلف قد كرّس الكتاب لتناول القيم
والأخلاق في الثقافة العربية، والكتاب بعيد عن موضوع دراستنا وإن اشترك معها بشيء من
العنوان.
1-5- كتاب "مفهوم العقل: مقالة في المفارقات" لعبد الله العروي، منشور
في المركز الثقافي العربي في المغرب عام 2001م، جعله في سبعة فصول، سنتعرض
عناوينها ليتضح لنا محتوى الكتاب، الفصل الأول بعنوان: مفارقة الشيخ محمد عبده،
والفصل الثاني: عقل المطلق، والفصل الثالث: عقل العقل، والفصل الرابع: عقل الغيب،
والفصل الخامس: عقل العدد، والفصل السادس: عقل الكسب، والفصل السابع: عقل الجهاد،
والخلاصة بعنوان: العقل والوهم. والمتصفح لهذه العناوين يلحظ بما لا يدع مجالا
للشك أن محتوى الكتاب بكل فصوله مختلف عن موضوع مقالتنا هذه، وإن تشابها إلى حد ما
بالعنوان.
1-6- كتاب بعنوان " الفلسفة الإسلامية:
دراسة من خلال المفاهيم" لناجي حسين جودة، منشور في المركز العلمي العراقي
عام 2010م، هدف فيه المؤلف إلى قراءة تاريخ الفلسفة الإسلاميَة قراءة جديدة من
خلال تتبع دقيق لمفاهيم أساسية، هي: العقل، والحدس، مع تخريج مفهوم النفس عند
المتكلمين المسلمين، مع مقارنة تلك المفاهيم مع نظيراتها في تاريخ الفكر الفلسفي
الإنساني حيثما أمكن، ونذكر من عناوين الكتاب: "الأصول التاريخية لنظرية
الطريق الصوفي، بحث في نشأة مفاهيم التصوف وأصوله"، "نظرية الطريق
الصوفي قبل ذي النون المصري" ، "نظرية الطريق الصوفي عند إبراهيم بن
أدهم" ، "الطريقة الأدهمية"،
"تأثير محي الدين بن عربي" على أن العنوان الأهم الذي يعنينا في بحثنا
هذا هو "التطور الدلالي لمفهوم العقل في الفكر الفلسفي الإسلامي" ويضم:
(العقل) بين اللغة والاصطلاح، "العقل والذهن (تعريف ومقارنة)"،
"مفهوم العقل عند الفلاسفة"،
وواضح من خلال مفردات المبحث أنّ المؤلف كان يتناول الموضوع تناولا فلسفيا قدّم له
ببيان المعنى اللغوي والاصطلاحي للعقل، ثم قارن بين الذهن والعقل، ثم ذهب إلى صلب
الموضوع وهو العقل عند الفلاسفة، فالمؤلف لم يكن بصدد ما نحن فيه من تتبع للمعاني
اللغوية كلها، واقتراح مسار تاريخي لتطورها وهذا الذي ألزمنا نفسنا به في هذا
البحث.
1-7- مقالة بعنوان "مفهوم العقل في اللغة والاصطلاح" لسمير مثنى علي الأبارة، منشورة في موقع الألوكة بعام 2016م، ذهب المؤلف فيها
إلى أن مادة "عقل" وردت بعدة معاني، لكنه اقتصر على ثلاثة معانٍ لغوية
منها فقط، وهي: الحبس، والعقل نقيض الجهل، والحجر والنهي، ولم يتعدَّها إلى
معانيها الأخرى، ثم ذهب بعدها إلى المعاني الاصطلاحية للعقل فقال إن العقل يقع
بالاستعمال على أربعة معانٍ: الغريزة المدركة، والعلوم الضرورية، والعلوم النظرية،
والعمل بمقتضى العلم، وبهذا الإجراء يكون المؤلف قد قدّمَ نبذة مختصرة عن معاني
العقل اللغوية والاصطلاحية، وهو في كل هذا لم يقترح إطارا لغويا لتطور معاني الجذر
من المحسوس إلى المعقول كما أردنا في بحثنا هذا.
1-8- مقالة بعنوان "مفهوم العقل في الإسلام" لسمير مثنى علي الأبارة، منشورة في موقع الألوكة بعام 2016م، وواضح من
العنوان أن موضوع المقالة هو تحديد معاني العقل في القرآن الكريم والاستدلال عليها
بالسياقات القرآنية ولم يتجاوزها إلى السياقات الأدبية
1-9- مقالة بعنوان "العقل في القرآن الكريم" لنجلاء بنت محمد الشيخ،
منشورة في موقع الألوكة بعام 2019م، وواضح من خلال العنوان أن المؤلفة أرادت من
هذه المقالة توضيح مكانة العقل في القرآن الكريم، لما فيه من آيات كثيرة، خاطبت
العقل وعملت على حثه واستثارته بالتأمل والتفكر في دلائل الوجود، وفي الآفاق
وغيرها، وأن القرآن لم يكتف بذكر لفظ العقل، بل استحثه وخاطبه بمرادفاته؛ كالألباب
والنُّهى، وغيرها وإن أعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم هو هذا القرآن الذي
خاطب العقل بالحجة والبرهان، وبالتالي: فإن موضوع المقالة التي نحن بصددها مختلف تماما عن موضوع
مقالتنا.
إن المؤلفات التي أُلِّفت في العقل
وموضوعه وماهيته ومفهومه وأنواعه أكبر من أن نحصرها في هذه المقالة لكثرة التأليف
والتصنيف في هذه الملكة التي أعزّ الله بها الإنسان وجعلها مخصوصة بها تميزه عن
سائر المخلوقات، لكن أيًّا من تلك المصنفات – فيما انتهى إليه اطلاعنا – لم يتبنَّ
المسار الذي ألزمنا أنفسنا به في هذا البحث، وهو بيان التطور التاريخي للمعاني
اللغوية التي أثبتتها المعاجم وربطها بشواهدها الأدبية المناسبة، وقد اكتفينا لكل
معنى معجمي على شاهد سياقي واحد على الرغم من كثرتها لئلا يكون الاستدلال بأكثر من
شاهد تَزيُّدا في البحث.
2.
القول
بتطور المعاني المعجمية:
تعد اللغة ظاهرة اجتماعية بامتياز، لأنها
تحيا في أحضان المجتمع، وتستمد كيانها منه، وهي تتطور بتطوره([1]) وتسري عليها قوانينه الإنسانية، فاللغة
كالإنسان تولد وتقوى وتتطور وتتغير وربّما تموت.
وينطبق على اللغة العربية ما ينطبق على
غيرها من اللغات، فما أكثر ما تغيرت بعض مفرداتها، أو تطورت دلالاتها توسُّعا أو
تخصيصا أو تغييرا، "فالتطور الاجتماعي والثقافي للمجتمعات الإنسانية يعد من
الأسباب الخارجية التي تؤدي إلى انتقال الدلالة من المجال المحسوس إلى المجال
المجرد نتيجة لتطور العقل الإنساني ورقيه"([2]).
ونحن في هذا البحث نحاول أن نستكشف كيف
تطورت كلمة العقل للدلالة على تلك القوة الإدراكية المميزة؟ فهل يعقل أن تكون تلك
الكلمة قد تطورت من معنى حسيّ إلى معنى مجرد؟ ولا سيما أنَّ للكلمة معاني مختلفة
ومتعددة، منها المادي الحسي ومنها المعنوي المجرد، ولا سيما أنَّ "الحياة تشجع على تغير المفردات،
لأنها تضاعف الأسباب التي تؤثر في الكلمات. فالعلاقات الاجتماعية والصناعات والعدد
المتنوعة تعمل على تغير المفردات وتقضي على الكلمات القديمة أو تحور معناها وتتطلب
خلق كلمات جديدة، ونشاط الذهن يستدعى دائما للعمل في المفردات".([3])
غير أن هذه الدراسة تخمينية لا تستند إلى
أدلة قطعية في بيان أسبقية دلالة وجدّة دلالة أخرى، لكنها تستأنس ببعض العلامات
التي تفيد رجحان أقدمية هذه الدلالة عن الأخرى، وذلك لأن اللغة العربية قديمة إلى
حد لم يصل العلماء إلى معرفة طفولتها أو بداياتها، وكل ما يقال عن بدايتها
وطفولتها مجرد تخمينات لا تستند إلى أدلة قطعية الثبوت، غير أن بعض معالم التطور
اللغوي تفيدنا بأن المعاني الأولى في المداخل المعجمية هي المعاني المحسوسة
والمادية ثم تتطور دلالات الألفاظ من المادي إلى المجرد ومن ثم إلى المجازي وثم
الاصطلاحي، "إذ يتفق الباحثون في نشأة الدلالة على أنها بدأت بالمحسوسات ثم
تطورت إلى الدلالات المجردة بحكم تطور العقل الإنساني ورقيه، فكلما ارتقى التفكير
العقلي عند الإنسان جنح إلى استخراج الدلالات المجردة وتوليدها والاعتماد عليها في
الاستعمال"([4])
ولهذه النظرة أمثلتها التي
تدعمها.
ولذلك فإننا سنجتهد في أمرين متوازيين
هما: الأول هو الرجوع بالدلالة الألفاظ إلى الدلالات المادية. والثاني: هو البحث
عن الشواهد اللغوية الأقدم في الأدب العربي، ومن خلال المناغمة بين المسارين
المادي والزمني يمكن أن نحصل على نتائج أقرب ما تكون إلى الحقيقة إن لم تكن هي
الحقيقة بعينها.
وانتقال الدلالة من المجال المحسوس إلى
المجال المجرد يتم عادة بالتدريج، وقد تظل الدلالتان سائدتين معًا زمنًا ما، وقد
تستعمل الدلالة الحسية للفظ فلا تثير دهشة أو غرابة، وقد تستعمل الدلالة المعنوية،
للفظ ذاته فلا يدهش لها أحد.([5])
3.
قرائن على تطور دلالة بعض
الكلمات:
كثيرا ما تكون الحاجة للتعبير عن معنى
جديد من أهم العوامل التي تؤدي إلى تطور الدلالة، فالمتكلمون بلغة من اللغات عندما
يستجد لديهم معنى جديد لم يكن معروفًا من قبل، يحاولون تعيين دالٍ له من ذخيرتهم
اللفظية القديمة، وهنا تتغير العلاقة بين هذا اللفظ ودلالته القديمة، لأنه أصبح
يدل على شيء آخر، قد تكون له علاقة بالمعنى القديم، مثل: المشابهة أو المجاورة([6]) أو غير ذلك، وقد لا
تكون ثمة علاقة بين المعنيين، ويظهر هذا التغير في صورتين ([7]):
الأولى: عندما يضاف مدلول جديد إلى كلمة
قديمة.
الثانية: عندما تضاف كلمة جديدة إلى مدلول
قديم
وبذلك نجد أن أهم مظاهر التطور الدلالي
التي تصيب الألفاظ ثلاثة، هي: تخصيص دلالة الكلمة، أو تعميم دلالتها، أو تغيير
مجال استعمالها: يقول اللغوي فندريس: "ترجع
أحيانًا التغيرات المختلفة التي تصيب الكلمات من حيث المعنى إلى ثلاثة أنواع:
التضييق والاتساع والانتقال، فهناك تضييق عند الخروج من معنى عام إلى معنى خاص..
وهناك اتساع في الحالة العكسية أي عند الخروج من معنى خاص إلى معنى عام.. وهناك
انتقال عندما يتعادل المعنيان أو إذا كانا لا يختلفان من جهة العموم
والخصوص".([8])
يقول ابن قتيبة: "فالعرب تستعير
الكلمة فتضعها مكان الكلمة، إذا كان المسمى بها بسبب من الأخرى، أو مجاورًا لها،
أو مشاكلًا، فيقولون للنبات: نوء، لأنه يكون عن النوء عندهم.. ويقولون للمطر:
سماء، لأنه من السماء ينزل"([9])
غير أن الذي أجمع عليه علماء الدلالة القدامى والمحدثون هو أن
الدلالة تبدأ حسية ثم تتطور لتصبح معنوية بحكم تطور العقل الإنساني، ولذلك يمكننا
القول: إن دلالة اللفظ الحسية هي الأصل أو الحقيقة، وإن دلالته المعنوية هي المجاز
المتطور عن ذاك الأصل.([10]).
والأمثلة على ذلك كثيرة لعلنا نقف عند
بعضها، فمن ذلك كلمة (الغائط) التي تعني بالأصل "المطمئنّ من الأرض" ([11]) وقد جاءت في القرآن
الكريم كناية عن قضاء الحاجة، وفي التنزيل العزيز: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ ([12])
"والغائط: المكان المنخفض، وكني به عن قضاء الحاجة؛ لأن من أراد قضاء الحاجة،
أتى الغائطَ ليتستر عن الأعين"([13]).
ومن ذلك كلمة (وشيجة) فـ"الوَشيجة:
عِرق الشجرة ووشجتِ العُروقُ
والأغصان: اشتبكتْ"([14])
ثم تطورت دلالتها فأصبحت تعني العلاقات القوية من قرابة وغيرها فقالوا
"ورَحِمٌ واشِجةٌ ووَشِيجَةٌ: مُشْتَبِكَةٌ مُتَّصِلَةٌ"([15]).
ومثل ذلك كلمة (المجد) إذ تعني في الأصل
امتلاء الإبل شبعا، "مَجَدَتِ الإبلُ مُجُودا، إذا نالت من
الكلأ قريبا من الشِّبع وعُرفَ ذلك في أجسامها، أمجَدَ القومُ إبلهم، وذلك في
أول الرَّبيع أي أحسنوا رعيها وإسمانها"([16]) ثم تطورت دلالتها
فأصبحت تعني "المَجدُ: نيل الشَّرف"([17])
وكذلك كلمة (الأدب) إذ كانت تدل في الأصل
على الدعوة إلى الطعام، "الآدِبُ: صاحبُ المَأْدُبة،
وقد أدَبَ القَومُ أدْبًا". ([18])
ثم تطوَّرت فيما بعد إلى معنى التربية
والفنون القولية من نثر وشعر. قال الجواليقي: "والأدب الذي كانت تعرفه هو ما
يحسن من الأخلاق وفعل المكارم مثل ترك السفه وبذل المجهود وحسن... واصطلح الناس
بعد الإسلام بمدة طويلة على أن يسموا العالم بالنحو والشعر وعلوم العرب أدبيًا
ويسمون هذه العلوم الآدب وذلك كلام مولد لأن هذه العلوم حدثت في الإسلام"([19]).
أما إذا جئنا إلى معنى كلمة العقل تلك
القوة الإدراكية التي مكّنت الإنسان التفكير والبحث من أجل التغلب على الصعوبات
والارتقاء في شتى ميادين الحياة، وبها أسس حضاراته المختلفة منذ أقدم العصور
ومازال إلى يومنا هذا، حار الفلاسفة في جوهره وفي مصدره وكنهه، وطبيعته، وماهيته،
فكيف بدأت كلمة العقل؟ وكيف تطورت؟ وكيف اكتسبت معانيها المتعددة إلى أن وصلت إلى
ذلك المعنى الفلسفي؟ فهذا هو لبّ البحث وإشكاليته.
4.
المعاني الحسية لكلمة
العقل:
عندما نتصفح كتب اللغة بحثا عن معاني
العقل نقف على غير معنى لها، وأول ما يطالعنا من معانيه المركزية فهو الحبل والربط
بالحبل ونحوه.
4-1
العُقال: هو الحبل الذي تربط
به الدواب، قال ابن دريد: "ومن ذلك عِقالُ البعيرِ، لأنَّه يمنعُه عن الشِّراد". ([20])
وقال الفارابي: "العِقالُ والعِكالُ:
الحَبْلُ الَّذي يُعْكَل به البعيرُ، وهو أَن يُعْقَل بحبْلٍ"([21])
ومما ورد في الشعر العربي في هذا المعنى قول مرثد الخير الحميري (50ق.هـ=573م):
"لا تنشطوا عقل الشوارد، ولا تلقحوا العون القواعد، ولا تؤرثوا نيران
الأحقاد؛ ففيها المتلفة المستأصلة، والجائحة والأليلة"([22])
ومنه حديث أبي بكر الصديق في المرتدّين "والله لو منعوني عقال بعير كانوا
يعطونه لرسول الله لقاتلهم عليه".([23])
4-2
من الاشتقاقات الفعلية لذلك الاسم (عَقَلَ الشَّيْءَ)، أي: ربطه بعقال. قال الخليل: "وعَقَلْتُ
البَعيرَ عقلًا شَدَدْت يده بالعِقالِ أي الرِّباط"([24])
ومن أمثلته السياقية ما ورد في قول النبي ﷺ (
11هـ=632م): "لا تَشْتَروا الصَّدَقاتِ حَتَّى توسَمَ وَتُعْقَلَ".
([25])
4-3 مثله الفعل المَزيدُ بالتضعيف (عقّل) فنقول: عَقَّلَ
الدابة، أي: ربطها، ومن أمثلته السياقية ما ورد في قول حمزة بن عبد المطلب
(1ه=622م):
فلما تراديْنا أناخوا فعقَّلوا *** مَطايا وعَقَّلنا مدَى غَرَضِ النَّبْلِ([26])
وبالتالي فإن المُعقَّل من الدواب هو
المربوط بحبل، ومما ورد في الشعر العربي في هذا المعنى قول أبي حنبل الطائي ( 50ق.هـ=573م):
حَتَّى وفيت بها دهما معقلة***كالقار أردفه من خَلفه قار ([27])
وكذلك قول النبي ﷺ (11هـ=632م):
"وَفي الحَديث: القُرآنُ كالإبلِ المُعَقَّلةِ أي المَشدودةِ بالعِقال،
والتشديدُ للتكثير. واعْتَقلَه اعْتِقالًا: مثلُ عَقَلَه". ([28])
4-4
يلوح لنا أن معنى
العقل تطور من معنى الحبل إلى الثوب أو النسيج المقلّم باللون الأحمر. قال
ابن سيده: "العَقْل: ضرب من الوشي الأَحْمَر. وَقيل: هُوَ ثوب أحمر، يُجَلل
بِهِ الهودج" ([29]) ومما ورد في الشعر العربي في هذا المعنى قول عبيد بن الأبرص الأسدي ( 13ق.هـ=609م): ([30])
لمنْ جِمالٌ قبيلَ الصُّبحِ مزمومهُ***ميمِّماتٍ
بلادًا غيرَ معلومَهْ
عالينَ رقمًا وأنماطًا مظاهرةً ***وكلّةٍ بعتيقِ العقلِ مرقومَهْ
4-5
أما المعنى المركزي
الثاني الذي نقف عليه لهذه الكلمة فهو معنى الحبس والمنع، وهو معنى مرتبط
بالمعنى الأول، إلا أنَّهُ أوسع من سابقه.
قالَ الخليل بن أحمد الفراهيدي: "والعقل: الحصن وجمعه العُقُول. وهو
المَعْقِل أيضا وجمعه مَعاقِلُ".([31])
ومما ورد في الشعر العربي في هذا المعنى
قول أُحَيْحة بن الجلاح
الأوسي (ت: 100ق.هـ=525م):
وَقد أعْدَدْتُ للحِدْثانِ حِصْنًا*** لوَ انَّ المَرْءَ تُحْرِزُهُ
العُقولُ ([32])
4-6
يُلحق بمعنى (الحبس
والمنع) معنى الامتناع واللجوء، إذ ورد في معاجم
اللغة أن المعقل هو الملجأ. قال ابن سيده: "المعقِل – الملجأ، وَقد عقَل
يعقِل عُقولًا - امْتنع ولجأ"([33]) ومما ورد في الشعر
العربي في هذا المعنى قول معاذ بن صرم الخزاعي (50 ق.هـ=573م):
وحِصْني سَراةُ الطِّرْفِ والسَّيفُ مَعْقِلي*** وعِطْري غُبارُ الحَرْبِ
لا عَبَقُ المِسكِ([34])
4-7
ومنه معنى الفعل
اللازم (عَقَلَ) في قولك: "عَقَل الوَعِلُ فِي الجَبَل، إِذا علا فِيهِ
وَامْتنع، يعقِل عُقولًا فَهُوَ عَاقل". ([35]) ومما ورد في الشعر العربي في هذا المعنى قول أبي دؤاد
الإيادي (50ق.هـ=573م):
كأني إذ أنخت إلى ابن قرط***عقلت إلى يمامة أو نضاد ([36])
ومن المعنى استخدام
كلمة (العاقل) مشتقة على وزن اسم الفاعل منه بمعنى: المتحصن في الجبل، ومما ورد في
الشعر العربي في هذا المعنى قول النابغة الذبياني (ت:13 ق.هـ=609م):
لقد خفت حَتَّى ما تزيد مخافتي***على وعلٍ فِي ذي المطارة عاقِل ([37])
وقريب إليه معنى
الفعل المتعدي (عقل) فـ عَقَلَ فُلانًا، أيْ: حبسَهُ ومنعه، ومما ورد في الشعر
العربي في هذا المعنى قول علقمة الفحل ( 13 ق.هـ=609م):
وقد يعقل القل الفتى دون همه***وقد كان
لولا القل طلاع أنجد([38])
ومن المعنى السابق
استخدام الفعل المزيد (اعتقل) بمعنى الحبس، فأكثر الدلالات حسية في الفعل أنه يأتي
بهذا المعنى: "اعتقل فلان رمحه إِذَا جعله بين ساقه
وركابه"([39])
ونجد المعنى الأصلي في الدلالات المتطورة عن المعنى الحسي إلى معنى حسي آخر أوسع
منه، ومن ذلك قولهم: "اعتقَلَ فلانٌ شاتَهُ الشَّغزبية"([40])
ونلاحظ أن المعنيين يجتمعان بحبس الشيء بين الرجلين، وبناء عليه نجد أن اسم الفاعل
منه المُعْتقِلُ بمعنى الحابس المانع، ومما ورد في الشعر العربي في هذا المعنى قول
السليك بن السلكة (13ق.هـ=609م):
أمعتقِلي ريبُ المَنونِ وَلم
أرُعْ *** عصافير وادٍ بَين جأشٍ ومَأرِبِ ([41])
4-8
ولنا أن نقول إن
الاعتقال - والذي هو بمعنى إعاقة الأرجل عن الحركة - قد تطوّر إلى معنى الأمراض
الحابسة، كالعقل الذي هو: مرض يصيب الركبتين. قال الخليل بن أحمد: "العَقْلُ
في الرجل اصطِكاكُ الرُّكبَتَيْن، وقيل: التِواءٌ في الرِّجْل، وقيل: هو أن
يُفْرِط الرَّوَحُ في الرِّجْلَيْن حتى يَصْطَكَّ العُرقوبان وهو مَذمُومٌ".([42])
وكذلك اعتقال اللسان بمعنى احتباسه عن
الكلام والنطق. قال الزمخشري: "واعتقل لسانه إذا لم يقدر على الكلام"([43]) ومما ورد في الشعر العربي في هذا المعنى
قول ذي الرمة (ت: 117هـ=735م):
ومعتقل اللسان بغير خبل*** يميد كأنه رجل أميم([44])
4-9
واستخدمت العرب كلمة
"العَقْل = الدية" ([45]) لأنّ الدية هي التي
تحبس ذوي القتيل عن الأخذ بثأرهم، قال الماوردي: "إنَّهُمْ سُمّوا عاقِلةً،
لِأنَّهُمْ يَعْقِلونَ القاتِلَ أيْ يَمْنَعونَ عَنْهُ، والمَنْعُ العَقْلُ،
وَلِذَلِكَ سُمّيَ العَقْلُ في النّاسِ عَقْلًا، لِأنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ القَبائِحِ"([46])
ومما ورد في الشعر العربي على استخدام العقل بهذا المعنى قول ابن الخرع التيمي ( 13 ق.هـ=609م):
وإنْ كانَ عقْلًا فاعْقِلوا لأخيكمُ *** بَنات المَخاض والبكار المقاحما ([47])
4-10
وكذلك قول النبي ﷺ : "ثُمَّ أنْتُمْ يا خُزاعةُ، قَدْ قَتَلْتُمْ
هَذا القَتيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَأنا واللَّهِ عاقِلُهُ، فَمَنْ قَتَلَ بَعْدَهُ
قَتيلًا فَأهْلُهُ بَيْنَ خيَرَتَيْنِ: إنْ أحَبّوا قَتَلوا، وَإنْ أحَبّوا
أخَذوا العَقْلَ" ([48])
4-11 ثم استخدم العقل للدلالة على الدواء الذي يمسك البطن بعد الإسهال، وأسموه
عاقلا، قال ابن ماسويه 243هـ=857م: "الحماض الَّذي يشبه الكرنب([49])
بارِد يابِس في وسط الثّانية مطفئ لحدة الصَّفْراء عاقل للبطن مشه للطعام إذا
كانَ فَساد الشَّهْوة من الحَرارة جيد للمحرورين"([50])
5.
المعاني المجردة لكلمة
العقل:
5-1-
ليست دلالات كلمة
العقل بأكملها دلالات حسية، بل تعبّأت الكلمة بدلالات
عقلية مجردة، نرى أنها متطورة عن المعاني الحسية الأولى، وأول تلك المعاني المجردة
هو يكون العقل بمعنى المنع. قال ابن دريد:
"وكلُّ شيءٍ مَنَعَ من شيءِ فهو عَقْل، وبذلك سمّي العقلُ، لأنَّه
يمنع عن الجهل" ([51]) وبناء عليه فإننا نرى
أن العقل بوصفه ملكة إدراكية مميزة تطورت من معنى المنع الذي أشرنا إليه سابقا،
"وإنما سُمّي العقل عقلًا وحجرًا، قال تعالى - ﴿هَلْ فِي
ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ﴾ ([52]) - لأنه يزم اللسان
ويخطمه، ويشكله ويريثه، ويقيد الفضل ويعقله عن أن يمضي فُرطًا في سبيل
الجهل والخطأ والمضرة، كما يُعقل البعير، ويحجر على اليتيم".([53])
5-2-
العقل: هو القلب.
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: "العَقْلُ القَلْبُ، والقَلْبُ العَقْل،
قلْتُ: وبه فسَّرَ بعضٌ قَوْلَه تعالَى: ﴿لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ﴾"([54])،
ومما ورد في الشعر العربي على استخدام العقل بهذا المعنى قول عويف القوافي الفزاري
( 100هـ=718م):
أُفٍّ لَكُمْ وَلِعَقْلٍ بَيْنَ أضْلُعِكُمْ *** ماذا وَثِقْتُمْ بِهِ
مِنّي وَمِنْ ديني ([55])
5-3-
وقال الخليل بن أحمد
الفراهيدي (170هـ=798م): "العَقْل: نقيض الجَهْل. عَقَل يَعْقِل عَقْلًا
فهو عاقل. والمَعْقولُ: ما تَعْقِلُه في فؤادك. ويقال: هو ما يُفْهَمُ من
العَقْل". ([56])
والملاحظ في تعريف
الفراهيدي أنه جعل العقل بابا من أبواب العلم بالشيء، ومما ورد في الشعر العربي
على استخدام العقل بهذا المعنى قول امرئ القيس (80 ق.هـ=544م): ([57])
ماذا يَشُقّ عَلَيكَ مِنْ ظُغُنٍ*** إلّا صِباكَ،
وَقِلّة ُ العَقْلِ
5-4-
العقل ما يكون التفكير به والإدراك والتمييز، قال ابن فارس:
"العَيْنُ والقافُ واللّامُ أصْلٌ واحِدٌ مُنْقاسٌ
مُطَّرِدٌ، يَدُلُّ عُظْمُهُ عَلَى حُبْسةٍ في الشَّيْءِ أوْ ما يُقارِبُ
الحُبْسةَ. مِنْ ذَلِكَ العَقْلِ، وَهوَ الحابِسُ عَنْ ذَميمِ القَوْلِ
والفِعْلِ" ([58])
ومما ورد في الشعر العربي على استخدام العقل بهذا المعنى قول الفرزدق: ([59])
وَلا خَيْرٌ فِي حُسْنِ الجُسومِ وَطولِها*** إذا لَمْ يَزِنْ حُسْنَ
الجُسومِ عُقولُ
5-5-
العقل المكتسب: المعارف الصحيحة
التي يكتسبها الإنسان بالتفكير الإيجابي، ومما ورد في الأدب العربي على استخدام
العقل بهذا المعنى قول ابن المقفع: "فليس لأحد غنى عن العقل. والعقل مكتسب بالتجارب
والأدب” ([60])
وقال الجاحظ (255هـ=869م): "وقد أجمعت الحكماء أن العقل المطبوع والكرم
الغريزي لا يبلغان غاية الكمال إلا بمعاونة العقل المكتسب. ومثلوا ذلك بالنار
والحطب والمصباح والدهن". ([61])
5-6-
العقل الأول: القوّة المفارقة
المجردة عن المادة. ومما ورد في الأدب
العربي على استخدام العقل بهذا المعنى قول جابر بن حيان (200هـ=815م): "العَدْلُ
جَميلٌ والكَذِبُ قَبيحٌ عَلَى العَقْلِ الأوَّلِ الفِطْريِّ الموجِبِ لِلْأوَّليّاتِ
وَقَدِّرْ أنَّكَ لَمْ تُعاشِرْ أحَدًا وَلَمْ تُخالِطْ أهْلَ مِلّةٍ".
([62])
5-7-
العقل المجرّد: قوة من قوى النفس
الإنسانية بسيطة مجرّدة، تحول المحسوسات الى صور، ومما ورد في الأدب العربي على
استخدام العقل بهذا المعنى قول ابن البطريق (200هـ=815م): "وَفي هَذِه التَّسْمية
نوع من التسامح، فَسمى العقل بِالنَّفسِ الملكية تَسْمية بِأفْضَل أفرادها،
وسمى القلب بِالنَّفسِ السبعية تَسْمية لَهُ بأشهر صافه". ([63])
5-8-
واستخدمت العرب
الصيغة الفعلية، فقالوا: "عقل الشخص: صار مدركًا قادرا على التمييز"([64]) ومما
ورد في الشعر العربي على استخدام العقل بهذا المعنى قول معاوية بن دومان الهمداني
(50ق.هـ=573م): ([65])
أراد طفيل يمنع الماء زلة ولم يك رأيًا منعه
الماء لو عقل
5-9- عَقَلَ
الغُلامُ: بلغ
سِنَّ الرُّشْد. ([66])
ورد في الأدب العربي استخدام العقل بهذا
المعنى قول مجاهد بن جبر التابعي (ت 104هـ): "فَقالَتِ امْرَأةُ فِرْعَوْنَ:
إنَّهُ صَبيٌّ لا يَعْقِلُ، فَجَرِّبْهُ إنْ شِئْتَ، اجْعَلْ في الطَّسْتِ
ذَهَبًا وَجَمْرًا، فانْظُرْ عَلَى أيُّهُما يَقْبِضُ، فَفَعَلَ فِرْعَوْنُ
ذَلِكَ". ([67])
5-10- وكذلك الفعل المزيد بالتضعيف (عَقَّلَ) قالَ عامِرُ بْنُ
عَبْدِ قَيْسٍ: "إذا عَقَّلَكَ عَقْلُكَ عَمّا لا يَنْبَغي فَأنْتَ عاقِلٌ،
وقالَ عَليٌّ: وَإنَّما سُمّيَ العَقْلُ عَقْلًا مِنْ
عِقالِ الإبِلِ".([68])
5-11- اشتقت
الصفات من الفعل كاسم الفاعل (العاقل) بمعنى المدرك المميز للأمور، ومما ورد في الأدب
العربي على استخدام العقل بهذا المعنى قول أمامة بنت
الحارث الشيبانية (100ق.هـ=525م): "أي بنيّة! إن الوصية لو تركت لَفضْلٍ في
أدبٍ تركت ذلك منك، ولكنها للغافل ومعونةٌ للعاقل".([69])
5-12- العَقِيلَةُ: كَرِيمَةُ الحَيِّ، وَكَرِيمَةُ
الإِبِلِ، ([70])
ولنا أن نتخيل تطور هذا المعنى من المنع أيضًا، إذ الكريمة منهما المصونة عن أيدي
الآخرين، والمكرّمة عن الابتذال، ومما ورد في الأدب العربي على استخدام العقل بهذا
المعنى قول مالك بن فهم الأزدي (150 ق.هـ = 476م): ([71])
نكحت بها فتاة بني زهير *** وخودة بنت نصر
الأسودان
وجعدة بنت حارثة بن حرب *** من الخور المحبرة الحسان
وأم جذيمة وهناة بكر *** عقيلة من ذرى العرب الهجان
6. الألفاظ القرآنية التي دلت على معنى العقل:
نرى أن من متممات البحث استقصاء الألفاظ
التي دلت على معنى العقل بوصفه القوة الإدراكية المميزة، إذ لم تقتصر هذه الدلالة
على كلمة العقل وحدها، لأن اللغة العربية قد استخدمت عددًا غير قليل من الأسماء
للدلالة على معنى (العقل) للدلالة على معناها. وقد جمعها أحمد اللبابيدي الدمشقي.
قال: "أسماء العقل: اللب، الذِّهْن، الأحور، القوى، الصبور، الزّور،
الحجر، الزبر، الحجا، الفِكر، القلب، الحلم، الصفر، المجر، الهرمان، الهَرم،
المسكة، المسيك، الأكل، الأكل، الروع، الإرب، الجول، الفِعْل، المرة، الزنق،
النهية، والنهى، وَهوَ جمع نهية أيْضا".([72])
غير أننا سنقتصر هنا على المفردات التي
وردت في الاستخدام القرآني، وهي:
6-1 اللُّبّ: العقلُ، وجمعه ألباب. قال ابن دريد: "اللب: العقل ولب كل
شَيْء: خالصه وَرُبمَا سمي سم الحَيَّة لبا" ([73]) وسُئِلَ بَعْضُ العَرَبِ
عَنِ العَقْلِ، فَقالَ: "لُبٌّ أعَنْتَهُ بِتَجْريبٍ"([74]) قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ
فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ ([75]) وقال: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
([76]) وقد وردت في الشعر
العربي، ومن ذلك قول الشاعر:([77])
وكم من قَلِيلِ اللُّبِّ يَسحبُ ذيلَهُ *** نفى عَنهُ وجدانُ الرَّقينِ البجاريا([78])
6-2 النهى: قال ابن دريد: "والنُّهى من العقل، وَهُوَ جمع نُهْيَة أَيْضا
لِأَنَّهُ يَنْهَى عَن الجَهْل" ([79])، وقال الله جلّ
جلالُهُ: ﴿إِنَّ
فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ
لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ﴾([80])
وقد وردت كذلك في الشعر العربي. قال الأعشى: ([81])
تَعالَوا فإِنَّ العِلْمَ عندَ ذَوي النُّهَى *** من الناس كالبَلقْاء بادٍ
حُجُولُها
6-3 الحِجْرُ: يُسمّى العقل عقلًا وحجرًا، وسُمِّيَ كذلك" لأنه يحجر على
صاحبه الجهل"([82]) قال تعالى: ﴿هَلْ فِي
ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ﴾([83])،
وإنما سُمي كذلك "لأنه يزم اللسان ويخطمه، ويشكله ويريثه، ويقيد
الفضل ويعقله عن أن يمضي فُرطًا في سبيل الجهل والخطأ والمضرة، كما يُعقل
البعير، ويحجر على اليتيم".
([84])
6-4
الحِجا: في الأصل
الحجا بمعنى الستر، ولكنها تطلق على العقل ويسمى بها، قال الفراهيدي: "
والحِجا: كلّ ما سترك. والحِجا: العَقُل".([85])
6-5
القلب: قال الجوهري: "القَلْب: الفؤاد، وقد يعبَّر به عن العقل" ([86])
وقال الله جلَّ جلاله ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ
لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلبٌ أَو أَلقَى ٱلسَّمعَ وَهُوَ شَهِيد﴾([87]) والمعنى "لمن كَانَ لَهُ عقل، وهذا جائز في العربية أن تقول: مالك قلب؟ وما قلبك
معك؟ وأين ذهب قلبك؟ تريد العقل
لكل ذَلِكَ". ([88])
وقد وردت في الشعر
العربي في قول أبي صخر الهذلي. قال: ([89])
فإن يعذر القلبُ العَشِيَّةُ في الصِبا***فُؤادَكَ لا
يَعْذِرْكَ فيه الأقاوِمُ
6-6 الحِلم: قال ابن سيدة: "الحِلْم: العَقْل، رجل حَلِيم
وَقوم أحْلام وحُلَماءُ"([90]) وقد ورد هذا المعنى للحلم في قول المُتَلَمِّس (43 ق.هـ=580م) ([91]):
تجاوَزْ عَنِ الأدْنَينِ واستَبقِ وُدَّهُم*** ولن تَستطيعَ الحِلْمَ حَتّى
تَحَلَّما
وكذلك وردت الدلالة في القرآن الكريم في
قوله تعالى: ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ
طَاغُونَ﴾.([92])
إن مفهوم العقل في القرآن يأخذ مناحي
متعددة، مجملها تشير إلى أنه أداة العلم والمعرفة، والتمييز بين الأشياء، والحبس
والحجر عن الوقوع في المهالك والمضار، وذميم القول والفعل لأن العاقل يعرف به
الضار من النافع والخير من الشر، ومجمل الآيات التي تحدثت عن العقل تدعوه إلى
العمل بالطرق المختلفة.
7.
أنواع العقل:
بعد كل ما قدّمناه من حديث عن العقل،
نتساءل ما معنى العقل اصطلاحا؟
والحقيقة أن العلماء اختلفوا في تحديد
ماهيته، ولنا أن نذهب إلى التعريفات للشريف علي الجرجاني لنتعرف إلى ما يقول في
تعريف العقل. قال: "العقل: جوهر مجرد عن المادة في ذاته، مقارن لها في فعله،
وهي النفس الناطقة التي يشير إليها كل أحد بقوله: أنا؛ وقيل: العقل: جوهر روحاني
خلقه الله تعالى متعلقًا ببدن الإنسان؛ وقيل: العقل: نور في القلب يعرف الحق
والباطل؛ وقيل: العقل: جوهر مجرد عن المادة يتعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف؛
وقيل: قوة للنفس الناطقة، وهو صريح بأن القوة العاقلة أمر مغاير للنفس
الناطقة، وأن الفاعل في التحقيق هو النفس والعقل آلة لها، بمنزلة السكين
بالنسبة إلى القاطع؛ وقيل: العقل والنفس والذهن واحد؛ إلا أنها
سميت عقلًا لكونها مدركة، وسميت نفسًا؛ لكونها متصرفة، وسميت ذهنًا؛
لكونها مستعدة للإدراك"([93])، والملاحظ في النص
السابق أن المؤلف ساق ستة تعريفات للعقل بدأ كلا منها بـ (وقيل) وهذا دليل على
اختلاف العلماء في تحديد ماهية ذلك الجوهر الذي ميّز الإنسان عما سواه من
المخلوقات.
وإذا ذهبنا إلى أحمد مختار عمر وجدنا عندها
أنواعا مختلفة من العقول. قال: "العقلُ الباطِن: اللاَّشعور، اللاَّوعي، العقلُ العلميّ: هو الذي يمكن
الإنسان من استنباط الصَّنائع والفنون. والعقلُ المدبِّر،
العقلُ النَّظريّ: هو القوّة التي تمكّن الإنسان من التجريد واستنباط المعارف
والعلوم... العقل المنفعل:
الذي يتلقَّى الفيضَ من العقل الفعَّال. والعقل الفعَّال:
آخر العقول المفارقة الذي يُعنى بعالم الكون ويفيض بالمعارفِ
على العقل الإنساني([94]).
الخاتمة:
تبيّنَ لنا من خلال هذا البحث أن كلمة
العقل بدأت حسية محضّة ثم تطورت إلى حسية أوسع ومن ثم إلى مفاهيم مجردة، وفيما يلي
بسط لما لهذا الإيجاز، لأن الدلالة الحسية الأولى لكلمة العقل كانت بمعنى الربط،
والعِقالُ بمعنى الحبل، وعَقَلَ بمعنى رَبَطَ، ثمَّ تَطوّرت تلك الدلالة إلى
دلالات حسيّة أوسع من سابقتها، فصار تطوَّرت دلالاتها إلى معنى الإمساك، فإمساك
الشيء هو عقله واعتقاله، فإذا جعل الرجل الرمح بين ساقه وركابه قالوا اعتقله،
وقالوا عمّن يضع رجله بين فخذي عنزه ليحلبها: اعتقلها، ثم أطلقت كلمة العقل على
الدواء الذي يُمسك بطن المريض إذا استطلقت، ثم تطوّر ذلك المعنى إلى معنى اللجوء،
فأطلقت كلمة معقل على الحصن المنيع في رأس الجبل، وعقَلَ إليهِ بمعنى لَجأ إليه،
ثم تطور ذلك المعنى إلى معنى الحبس والحجز، فصارت تطلق على احتباس اللسان عن نطق
بعض الحروف، وتطلق على مرض يصيب الركبتين يمنعهما من الحركة بسهولة، ثم تطورت إلى
معنى الحبس واحتجاز الشخص من قبل السلطات وأطلق المعتقل على الشخص الملقى عليه
القبض وعلى مكان الاحتجاز، ثم تطورت إلى معنى المنع عموما، ومن هذا المعنى أطلقت
على قوة الإنسان الإدراكية المميزة العقل، لأنها تمنعه من الشرور والسيئات
والأعمال المؤذية، ثم تطورت كلمة العقل إلى عقول متعددة: منها الواعي واللاواعي،
والمنفعل والمكتسب، وما إليه من أنواع
أخرى.
على أنَّ اللغة العربية استخدمت ألفاظًا
أخرى للدلالة على القوة العقلية المميزة، وهي ألفاظ كثيرة اكتفينا ببعض منها، وهي
الألفاظ التي وردت في القرآن الكريم دالة على معنى العقل، ومنها: القلب واللبّ
والنهى الحجر والحجا والحلم.
المصادر والمراجع
الإبل، عبد الملك
بن قريب الأصمعي. تحقيق: حاتم صالح الضامن. دمشق، دار البشائر، 2003م.
الاشتقاق، ابن
دريد، أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي، تحقيق: عبد السلام محمد هارون. بيروت، دار
الجيل، 1991م.
الأصمعيات، عبد الملك بن
قريب الأصمعي. الطبعة 7. تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخر. مصر، دار المعارف، 1993م.
الإكليل الكتاب
العاشر، أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني. بيروت، دار المناهل، 1987م.
الأمالي، أبو علي
القالي، الطبعة 2. تحقيق: محمد عبد الجواد الأصمعي. القاهرة، دار الكتب المصرية،
1926م.
الأنساب، سلمة بن
مسلم الصحاري، الطبعة 4. تحقيق: محمد إحسان النص. عمان، وزارة التراث القومي
والثقافة، 2006م.
أساس البلاغة،
محمود بن عمر الزمخشري، تحقيق: محمد باسل عيون السود. بيروت، دار الكتب العلمية،
1998م.
أمثال العرب،
المفضل بن محمد بن يعلى بن سالم الضبي. بيروت، دار ومكتبة الهلال، 1424هـ.
"التطور الدلالي في العربية في ضوء علم اللغة الحديث"،
حسين حامد الصالح. صنعاء، مجلة الدراسات الاجتماعية، جامعة العلوم والتكنولوجيا، 2003م.
التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه، رمضان عبد التواب، القاهرة، مكتبة
الخانجي، 1983م.
الحاوي الكبير الحاوي الكبير في فقه مذهب
الإمام الشافعي، أبو الحسن علي بن محمد الماوردي، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض
وآخر. بيروت، دار الكتب العلمية، 1999م.
السنن الكبرى،
أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي. الطبعة 3. تحقيق: محمد عبد القادر عطا. بيروت،
دار الكتب العلمية، 2003م.
السيرة النبوية،
عبد الملك بن هشام المعافري، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد. القاهرة، شركة الطباعة
الفنية المتحدة، د.ت.
الصحاح، إسماعيل
بن حماد الجوهري. الطبعة 4. تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار. بيروت، دار العلم
للملايين، 1987م.
اللطائف في
اللغة، أحمد بن مصطفى اللبابيدي. القاهرة، دار الفضيلة، د.ت.
العقل الأخلاقي
عند العرب، محمد عابد الجابري. بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2001م.
العقل السياسي
العربي، محمد عابد الجابري. بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1990م.
العقل وفضله، ابن
أبي الدنيا، أبو بكر عبد الله بن محمد البغدادي الأموي القرشي. مصر، مكتبة القرآن،
د.ت.
العين، الخليل بن
أحمد الفراهيدي، تحقيق: مهدي المخزومي وآخر. بيروت، دار ومكتبة الهلال، د.ت.
الكليات معجم في
المصطلحات والفروق اللغوية، أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي،
تحقيق: عدنان درويش وآخر. بيروت، مؤسسة الرسالة، د.ت.
اللطائف في اللغة،
أحمد بن مصطفى اللَّبَابِيدي. القاهرة، دار الفضيلة، د.ت.
اللغة، جوزيف فندريس، ترجمة: عبد الحميد الدواخلي،
محمد القصاص. القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1950م.
الفاخر، المفضل
بن سلمة ابن عاصم، تحقيق: عبد العليم الطحاوي. القاهرة، دار إحياء الكتب العربية،
1380هـ.
المحكم والمحيط
الأعظم، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي، تحقيق: عبد الحميد هنداوي.
بيروت، دار الكتب العلمية، 2000م.
المخصص، أبو
الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي، تحقيق: خليل إبراهيم جفال. بيروت، دار إحياء
التراث العربي، 1996م.
المستصفى، أبو
حامد محمد بن محمد الغزالي، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي. بيروت، دار الكتب
العلمية، 1993م.
المفصل، موفق
الدين ابن يعيش الأسدي. بيروت، دار الكتب العلمية، 2001م.
المقاييس، أحمد
بن فارس بن زكرياء القزويني. تحقيق: عبد السلام محمد
هارون. بيروت، دار الفكر، 1979م.
بنية العقل
العربي، محمد عابد الجابري. بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1986م.
تاج العروس من
جواهر القاموس، محمّد مرتضى الحسيني الزَّبيدي، تحقيق: عبد الفتاح الحلو. الكويت،
المجلس الوطني للثقافة والفنون، 1997م.
تأويل مشكل
القرآن، عبد الله بن مسلم ابن قتيبة، تحقيق: إبراهيم شمس الدين. بيروت، دار الكتب
العلمية، د.ت.
تفسير مجاهد،
مجاهد بن جبر المكي القرشي المخزومي، تحقيق: محمد عبد السلام أبو النيل. مصر، دار
الفكر الإسلامي الحديثة، 1989م.
تكوين العقل
العربي، محمد عابد الجابري. بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1984م.
تهذيب اللغة، أبو
منصور محمد بن أحمد الأزهري، تحقيق: محمد عوض مرعب. بيروت، دار إحياء التراث
العربي، 2001م.
جمهرة اللغة، ابن
دريد، أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي. تحقيق: رمزي منير بعلبكي. بيروت، دار العلم
للملايين، 1987م.
حجة الله البالغة،
أحمد بن عبد الرحيم بن الشهيد الشاه ولي الله الدهلوي. تحقيق: السيد سابق. بيروت،
دار الجيل،2005م.
حماسة البحتري،
أبو عُبَادة الوَليد بن عُبَيد البُحتري، تحقيق: محمَّد إبراهيم حُوَّر وآخر. أبو
ظبي، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، 2007م.
دلالة الألفاظ،
إبراهيم أنيس. الطبعة 3. القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1976م.
دور الكلمة في
اللغة، ستيفن أولمان، ترجمة: كمال بشر. القاهرة، مكتبة
الشباب، 1975م.
ديوان الأدب،
إسحاق بن إبراهيم الفارابي، تحقيق: أحمد مختار عمر. القاهرة، دار الشعب، 2003م.
ديوان امرئ
القيس، امرؤ القيس حندج بن حجر. الطبعة 2. تحقيق: عبد
الرحمن المصطاوي. بيروت، دار المعرفة، 2004م.
ديوان ذي الرمة
شرح الباهلي رواية ثعلب، أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي، تحقيق: عبد القدوس أبو
صالح. جدة، مؤسسة الإيمان، 1982م.
رسائل الجاحظ،
أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، تحقيق: عبد السلام محمد هارون. القاهرة، مكتبة
الخانجي، 1964م.
شرح أدب الكاتب،
أبو منصور الجواليقي. بيروت، دار الكتاب العربي، د.ت.
شرح المفصل، موفق
الدين ابن يعيش الأسدي. بيروت، دار الكتب العلمية، 2001م.
شرح ديوان
الحماسة، أبو علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي. تحقيق: غريد الشيخ، بيروت، دار الكتب العلمية، 2003م.
علم الدلالة،
أحمد مختار عمر، الكويت، دار العروبة، 1982م.
كليلة ودمنة، عبد
الله ابن المقفع، الطبعة 17. القاهرة، المطبعة الأميرية ببولاق، 1936م.
لسان العرب، جمال
الدين الأنصاري ابن منظور. الطبعة 3. بيروت، دار صادر، 1414هـ.
ماهية العقل
ومعناه واختلاف الناس فيه، الحارث بن أسد المحاسبي، الطبعة2. تحقيق: حسين القوتلي.
بيروت، دار الفكر، 1398هـ.
مختارات شعراء
العرب، ضياء الدين أبو السعادات هبة الله ابن الشجري. تحقيق: محمود حسن زناتي.
مصر، مطبعة الاعتماد، 1925م.
معاني القرآن،
أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء، تحقيق: أحمد يوسف النجاتي.
مصر، دار المصرية للتأليف والترجمة، د.ت.
مقاييس اللغة،
أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني. تحقيق: عبد السلام
محمد هارون. بيروت، دار الفكر، 1979م.