نظرية المقولات الأرسطية

وتوظيفها في الاتجاه البلاغي العربي الفلسفي

 

د. محمد ايت حمو

جامعة مولاي إسماعيل مكناس، المغرب

البريد الإلكتروني: sabab.adoul@gmail.com

معرف (أوركيد): 0000-0002-5106-1132

بحث أصيل

الاستلام: 6-11-2021

القبول: 25-4-2022

النشر: 30-4-2022

 

 

 

الملخص:

يهدف هذا المقال إلى النظر في نظرية المقولات التي بنى عليها السجلماسي كتابه (المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع) ورتب مادته البلاغية وفق القواعد والضوابط التي تقوم عليها هذه النظرية المنطقية التي تناول الحديث عنها أرسطو في كتبه المنطقية الثمانية، خاصة كتاب المقولات الذي سماه: (قاطيغورياس)؛ ولهذا، بيّنت مفهوم المقولة المنطقية، وعلاقتها بالتجنيس، وطريقة استعمالها في البلاغية العربية من خلال كتاب السجلماسي.

 

الكلمات المفتاحية:

البلاغة، البديع، المقولات الأرسطية، السجلماسي، المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع.

 

 

 

 

للاستشهاد/Atif İçin / For Citation: حمو، محمد ايت. (2022). نظرية المقولات الأرسطية وتوظيفها في الاتجاه البلاغي العربي الفلسفي. ضاد مجلة لسانيات العربية وآدابها. مج3، ع5، 128- 168 https://www.daadjournal.com/ /

 

                                                            

 

The Use of the Theory of Aristotelian Chatigorios in Philosophical Arabic Rhetoric

 

Dr. Mohammed Aithammou

Assistant Professor, Moulay Ismail  University of Meknes, Morocco

E-mail: sabab.adoul@gmail.com

Orcid ID: 0000-0002-5106-1132

 

Published: 30.04.2022

Accepted: 25.04.2022

Received: 6.11.2021

Research Article

                                                                                          

 

Abstract:

This essay aims to highlight the mechanism of naturalization that Syjilmassi built in his previous book "Almnza Al Badi fi Tajnis Asalib Albadi".

Furthermore, Syjilmassi arranged the rhetorical article according to the codes and relations that are based on the mechanism of logic. The mechanism of logic that Aristotle, the Greek philosopher, talked about earlier in his eight books of logic, especially the book of sayings entitled; " Categories ".

And thus, through the book, of Syjilmassi the aforementioned, I made it clear that the concept of the logical argument and its relation to naturalization and how to use it in the Arabic rhetoric.

 

Keywords:

  Rhetoric, Al-Badi, Aristotle's Sayings, Syjilmassi, Almnza Al Badi fi Tajnis Asalib Albadi   

 

 

 

 

Aristotelesçi Kategoriler Teorisi ve Felsefi Arap Belagatı’nda Kullanımları

 

Dr. Öğr. Üyesi Dr. Mohammed AITHAMMOU

Mevlây İsmail Üniversitesi, Meknes, Fas

E-posta: sabab.adoul@gmail.com

yayın: 30.04.2022

Kabul :25.04.2022

Geliş: 06.11.2021

Araştırma Makalesi

Orcid ID: 0000-0002-5106-1132

 

Özet:

Bu makale, Sicilmâsi’nin ( el- Menzau’l- bedî’ fî Tecnîsi Esâlibi’l-bedî’ ) isimli kitabını üzerine inşa ettiği, Aristotelesçi Kategoriler Teorisini incelemeyi amaçlamaktadır. Sicilmâsi kitabında, Belâgat malzemesini Aristoteles’in sekiz mantık kitabında tartıştığı mantıksal teorinin dayandığı kural ve kontrollere göre düzenlemiştir. Özellikle Kategoriler kitabında “ Kategoriyas” diye isimlendirmiştir. Bu sebeple bu çalışmada, Sicilmâsi’nin kitabı üzerinden, mantık kategorisi kavramı, tecnîs ile ilişkisi ve Arap belâgatindeki kullanım yöntemi açıklanmaktadır.

Anahtar Kelimeler:

Belâgat, Bedi’, Aristoteles sözleri, es-Sicilmasi, el- Menzau’l- bedî’ fî Tecnîsi Esâlibi’l-bedî’.

 
تقديم:

يسعى هذا المقال إلى النظر في استعمال نظرية المقولات الأرسطية في الاتجاه البلاغي العربي الفلسفي، وذلك من خلال دراسة نموذج من النماذج البلاغية العربية التي استعملت المنطق والفلسفة اليونانية، حيث بنى السجلماسي (كان حيا عام 704ھ) كتابه (المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع) على آلية التجنيس ورتب مادته البلاغية وفق القواعد والضوابط التي تقوم عليها هذه الآلية المنطقية التي تناول الحديث عنها أرسطو في كتبه المنطقية الثمانية، خاصة كتاب المقولات الذي سماه: "قاطيغورياس"([1])، فما المقصود بالمقولة المنطقية؟ وما علاقتها بالتجنيس؟

1.مفهوم المقولة المنطقية:

المقولة "catégorie"، اشتقت من مصدر القول، وهي ترجمة للكلمة اليونانية "قاطاغورياس، معناه: العشر المقالات"([2])، وقد سماها مفكرو الإسلام: مقولة؛ بمعنى الحمل؛ أي الحقيقة المحمولة على غيرها سواء أكانت جنسية أم نوعية، كلية أم جزئية.

والمقولة في الاصطلاح اسم للجنس العالي (الموجود الممكن)، والحديث عن (الجنس) يُخرج النوع والجزء، و(العالي) يُخرج الجنس السافل والمتوسط والجنس الفرد، وهو ما ليس فوقه جنس وتحته أنواع كالعقل، و(الموجود) يُخرج الجنس الفَرَضي المعدوم، و(الممكن) يُخرج الموجود الواجب.

ظهرت فكرة المقولات أو الأجناس العالية مع أرسطو الذي درس أهم مظاهر المعرفة في عصره، فوجدها تقوم على عشرة أسس([3]) ينبني عليها الفكر، وجمعها أرسطو وشرحها، ثم سماها: "المقولات"، وتعرض لها من بعده المسلمون وغيرهم بالشرح والتحليل.

وقد تم حصر المقولات في عشر، واحد جوهر([4]) والباقي أعراض، فمن أين استمد هذا التقسيم وما أصله؟

قسم أرسطو العلوم إلى علوم نظرية، وعلوم عملية، وعلوم منتجة أو آلية (ميكانيكية)، وتقسم العلوم النظرية إلى ثلاثة أقسام أيضا، هي:

1.  علم لا يتجرد عن المادة لا في الذهن ولا في الخارج وهو العلم الطبيعي وموضوعه الجسم

2.  علم مجرد عن المادة في الذهن لا في الخارج، وهو العلم الرياضي: كالكلام في المقدار والعدد

3.   العلم الإلهي وهو ما يتجرد عن المادة فيهما وموضوعه (الوجود المطلق) أو الميتافيزيقا، وهذا الوجود ينقسم إلى (واجب) و(ممكن) بتعبير ابن سينا وأتباعه، أو إلى (جوهر) و(عرض)([5]).

و"تقسيم الوجود إلى (واجب) و(ممكن) هو تقسيم ابن سينا وأتباعه، وأما أرسطو والمتقدمون فلا يقسّمونه إلا إلى (جوهر) و(عرض)؛ و(الممكن) عندهم لا يكون إلا(حادثا)، كما اتفق على ذلك سائر العقلاء، وهذا العلم هو علم (المقولات العشر)، وهو المسمى عندهم "قاطيغورياس"([6]).

ولـم يكن بين الأوائل اتفاق حول هذه العشرة، فمنهم من رأى أنها أقل من عشرة، "فقالوا: إن الأصول منها (أي من جنس الأجناس) أربعة، فالعشرة هي: الجوهر، والكم، والكيف، والإضافة، والمتى، والأين، والنصبة، والملك، والفاعل، والمنفعل، والأربعة التي حققوا أنها رؤوس المبادئ وأوائل القسمة: الجوهر، والكم، والكيف، والإضافة، وأما الست البواقي فمركبات من الأربع المذكورة؛ أي من ضم بعضها إلى بعض على ما يقع في أبوابها"([7]).

وعلى الرغم من هذا الاختلاف بين الأوائل في عدد الأجناس العالية، والتي تتراوح بين الأربعة والعشرة، فقد درج معظمهم على العدد الأخير، فهل ينعكس هذا الاختلاف على البلاغيين المغاربة([8])؛ حيث وظف السجلماسي في منزعه المقولات العشر، وابن البناء المقولات السبع؟

يقع مقابل الاختلاف في عدد الأجناس نوع من الاتفاق، حيث "اتفق الأوائل على أن سموا الجنس الأول جنس الأجناس نعني الذي لا جنس فوقه، وهو الذي لا يكون نوعا أصلا، واتفقوا على أن سموا النوع الآخر نوع الأنواع... وإنه لا يكون جنسا البتة، وإنه لا نوع تحته، وليس تحته شيء غير أشخاصه فقط"([9])، فإذا كان الجنس العالي لا يمكن أن يكون نوعا، فإن النوع المتوسط يكون جنسا للأنواع المندرجة تحته، والنوع السافل لا يكون جنسا وهو الذي لا يتفرع عنه سوى أشخاصه أو أصنافه، إذا كانت هذه بعض خصائص الجنس، فما هي خصائصه الأساسية التي يجب التقيد بها؟  وما هو مفهوم الجنس؟

2.التجنيس: مفهومه، اهتمام المسلمين به، خصائصه:

1.2. مفهوم الجنس:

حدد فرفوريوس([10]) الصوري الجنس بالرسم، قائلا: "الجنس هو المحمول على كثيرين مختلفين بالنوع من طريق ما هو، مثال ذلك: «الحيّ»، لأن الأشياء التي تحمل: منها ما يقال على واحد فقط كالأشخاص، بمنزلة سقراط، وهذا الشخص، وهذا الشيء؛ ومنها ما يقال على كثيرين كالأجناس والأنواع والفصول والخواص والأعراض التي تعرض على جهة العموم، لا التي تعرض لشيء على جهة الخصوص، فالجنس: كالحي، والنوع: كالإنسان، والفصل: كالناطق، والخاصة: كالضحاك، والعرض: كالأبيض والأسود والقيام والجلوس"([11]).

هذا المفهوم هو الذي تبناه الفلاسفة المسلمون؛ منهم ابن سينا الذي عرف الجنس بقوله: "هو الذي يتكلم فيه المنطقيون ويرسمونه بأنه المقول على كثيرين مختلفين بالنوع في جواب ما هو"([12])، وهذا المفهوم يتضمن مجموعة من العناصر، أهمها:

-  محمول على كثيرين: لأن الجنس مفهوم كلي مقول على الكثرة المختلفة الحقيقة، وذلك بخلاف الجزئي الذي يحمل على واحد بعينه.

-  مختلفان بالنوع: الأجناس المختلفة بالنوع تكون مختلفة في الحقائق الذاتية، وهذا قيد يخرج به النوع الذي يصدق بدوره على كثيرين، لكن متفقين في النوع والحقيقة؛ كالإنسان: فإن أفراده متفقون في الحقيقة، بخلاف أفراد الحيوان؛ كالإنسان والأسد والفرس، فهي مختلفة.

-  يقع في جواب ما هو: والاستفهام بـ(ما هو؟) استفهام عن الماهية، أي عن العناصر الذاتية التي تكون داخلة في حقيقة الشيء؛ كالحيوانية والنّاطقية بالنسبة إلى الإنسان، لا العرضية التي لا تدخل في حقيقة الشيء (كالمشي بالنسبة للحيوان، والضحك بالنسبة للإنسان)، وهذا قيد يخرج به الفصل والخاصة اللذان يقعان في جواب أي شيء هو؟

ويعد ابن حزم من الشراح المسلمين الذين اهتموا بمفهوم الجنس، بعد أن حاول تقديم درس المنطق بشكل مهذب وواضح، فقد عرف الجنس بأنه "اللفظ الجامع لنوعين من المخلوقات فصاعدا، وليس يدل على شخص واحد بعينه كزيد وعمرو، ولا على جماعة مختلفين بأشخاصه فقط كقولك: الناس، أو كقولك الإبل، أو كقولك الفيلة، لكن على جماعة تختلف بأشخاصهم وأنواعهم كقولك الحي الذي يدل على الخيل والناس والملائكة وكل حي"([13]).

وفي هذا الإطار يذكر المناطقة قاعدة: "الأعلى يقال على الأسفل والأسفل لا يقال على الأعلى"([14])، ومما يختص به أو يتميز به الجنس العالي، ما يلي:

أ‌)    يرسم ولا يحدُّ

ب‌)    لا يكون نوعا البتة

ت‌)    مبدأ لما تحته

ث‌)    ليس فوقه جنس

ج‌)     يقال على الأسفل فقط

أما خصائص الجنس المتوسط، فإنه يكون نوعا لما فوقه من الأجناس، وجنسا لما تحته من الأنواع

أما نوع الأنواع فإن من خصائصه:

أ‌)            يحدُّ

ب‌)            لا يكون جنسا البتة

ت‌)            ليس تحته نوع

ث‌)            يُقال عليه فقط

ويمكن توضيح العناصر المذكورة أعلاه في هذا الرسم التمثيلي:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ولتيسير فهم المنطق وضبط مباحثه نظم الأخضري منظومته في المنطق على غرار المنظومات العلمية الأخرى، فقال في مسألة الكليات:

والكُلِّيَاتُ خَمْسَةٌ دُونَ انتقاص        جنسٌ وفصلٌ عرض نوعٌ وخاصْ([15])

ثم قال الشارح عن الجنس بأنه: "هو ما يصدق على كثرين مختلفين بالحقيقة، ويقع في جواب (ما هو)"([16])، ويشرح هذا التعريف، قائلا: "ما يصدق على كثرين يشمل جميع الكليات الخمس، وقولنا: مختلفين بالحقيقة (قيد أول) يخرج به النوع، فإنه يصدق على كثرين متفقين في الحقيقة؛ كالإنسان، فإن أفراده متفقون في الحقيقة، وقولنا: ويقع في جواب، قيد ثان، يخرج به العرض العام، فإنه يصدق على كثيرين ولا يقع في جواب أصلا، وقولنا: جواب (ما هو) قيد ثالث، يخرج به الفصل والخاصة، فإنهما وإن كانا يصدقان على كثيرين، ويقعان في جواب، ولكن ليس الجواب (ما هو) بل يقعان في جواب أي شيء يميز النوع عن بقية أفراد جنسه"([17])، هكذا يتضح أن الجنس لفظ كلي ذاتي، "والذاتي ينقسم إلى عام ويسمى (جنسا) وإلى خاص، ويسمى (نوعا)، فإن كان الذاتي العام لا أعم منه، سمي (جنس الأجناس)، وإن كان الذاتي الخاص لا أخص منه، سمي (نوع الأنواع) وهو اصطلاح المنطقيين"([18])، وتنتج هذه الأقسام عن انقسام الماهية إلى أجزاء، وهذه الأجزاء تنقسم بدورها إلى أجزاء أخرى إلى أن تصير الأجزاء غير منقسمة باعتبار ماهيتها التي لا تنقسم، فينتج عن هذه الأجزاء أقسام تحوي أجناسا عليا، وأجناسا وسطى، وأنواعا أخيرة، وكل نوع يرتبط بما فوقه من الأجناس المتوسطة، التي ترتبط أيضا بما فوقها إلى الجنس العالي، "واتفق الأوائل على أن سموا الجنس الأول جنس الأجناس نعني الذي لا جنس فوقه، وهو الذي لا يكون نوعا أصلا، واتفقوا على أن سموا النوع الآخر نوع الأنواع"([19])، وعليه، فإن وجود الأفراد من الصنف الواحد المنتمي إلى النوع يقتضي وجود جنس أعلى، والجنس الأعلى، لا يقتضي بالضرورة أن يتفرع عنه أجناس متوسطة وأنواع وأصناف وأفراد، فقد ينقسم الجنس العالي إلى نوعين فقط.

2.2. خصائص التجنيس ومميزاته:

تقوم نظرية التجنيس على مجموعة من القواعد والخصائص التي يجب مراعاتها في بناء أيّ نظرية تجعل من هذه الضوابط معايير يُحتكم إليها في البناء والصياغة، وتُستحضر أيضا حين تُقَوَّم نتائجها، ومن هذه الخصائص التي ورد ذكرها في المصنفات المنطقية، ما يلي:

1.2.2. خصائص التجنيس:

يوجد بين الأجناس العالية استقلال تام، حيث ينعدم التداخل بينها، والأجناس العالية هي "الأجناس المختلفة التي ليس بعضها مرتبا تحت بعض؛ أي ليس بعضها داخلا تحت بعض، فإن فصولها مختلفة في النوع، مثال ذلك أن الفصول التي ينقسم بها الحيوان، مثل المشاء والطائر والسابح، غير الفصول التي ينقسم بها العلم، إذا كان الحيوان داخلا تحت جنس الجوهر، والعلم داخلا تحت جنس الكيفية، والكيفية والجوهر جنسان عاليان ليس بعضهما داخلا تحت بعض، وأما الأجناس التي بعضها داخل تحت بعض فليس يمتنع أن يظن أنه قد تكون فصولها من نوع واحد"([20]).

إن الأمثلة التي أوردها ابن رشد في هذا النص يتبيّن منها عدم التداخل بين الأجناس العالية تماما، فكل جنس من الأجناس العشرة مستقل عن الآخر، وهذه الفكرة كانت سائدة بين أوساط المنطقيين قبل ابن رشد، فقد ذكرها فرفوريوس الصوري حين تحدث عن خصائص الجنس العالي، قائلا: "وجنس الأجناس هو الذي ليس فوقه جنس يعلوه"([21])، ويؤكد مرة أخرى أن جنس الأجناس "ليس قبله شيء"([22])

وهذا الكلام هو الذي أشار إليه ابن حزم بقوله: "اتفق الأوائل على أن سموا الجنسَ الأول جنسَ الأجناس نعني الذي لا جنس فوقه، وهو الذي لا يكون نوعا أصلا"([23])، إذا كانت هذه الخاصية العامة للأجناس العالية فما هي مميزاتها؟

2.2.2.مميزات الأجناس العالية:

يتميز الجنس العالي بمجموعة من المميزات، أبرزها:

أ- الأجناس: من بين المعقولات التي ليس لها وجود إلا مع الصور الماثلة في الأسماء

ب- الأجناس: هي أوائل الحدود، ما دامت تُعْرف جميع الأشياء من الحدود.

ج- الأجناس العالية: هي التي تجسد أعلى مراتب الجنس، ويسمى الجنس العالي جنس الأجناس، و"هو الذي ليس فوقه جنس يعلوه"([24])؛ أي لا يوجد فوقه جنس آخر، و"لا يكون نوعا أصلا"([25])، ولذلك "كانت الأجناس العالية أكثر كلية مما دونها"([26])، وهذه القاعدة تنسحب على الجوهر وغيره من الأجناس العالية الأخرى، فإذا كان "الجوهر هو جنس الأجناس، لأنه في أعلى منزلة، إذ ليس قبله شيء"([27])، فكذلك سائر الأجناس العالية.

وكلُّ جنس من الأجناس العالية العشرة لا يخلو من أن يكون جوهرا، أو كمية، أو وضعا، أو غير ذلك من المقولات العشر، وتُرتب هذه الأجناس بشكل تصاعدي (من الجنس القريب إلى الجنس البعيد)، أما الأنواع فإنها تأخذ شكلا تنازليا في الترتيب([28])، وعلى هذا، كان تقسيم الفلاسفة المناطقة للأجناس وفق ما يلي:

-      الجنس المفرد: لا يكون فوقه جنس ولا تحته جنس

-      الجنس العالي: يكون تحته جنس لا فوقه، ويسمى جنس الأجناس

-      الجنس المتوسط: يكون فوقه جنس وأسفله جنس

-      الجنس السافل: يكون فوقه جنس لا تحته

أمام هذا التنوع والتعدد في الأجناس، بل الاختلاف حول عددها بين المشائين والرواقيين، دخل السجلماسي غمار هذه الصنعة المنطقية محاولا صياغة نظرية بلاغية تشكل فيها المقولات قالبا ينظم من خلاله أساليب البديع التي تمتد من بداية كتاب المنزع إلى نهايته، فكيف استفاد السجلماسي من هذه الآلية المنطقية؟

3.منهج السجلماسي في توظيف آلية التجنيس:

إذا كان التجنيس أحد مباحث المنطق الذي عُرف عند المناطقة بالمقولات العشر؛ فإنه قد دخل ميدان البلاغة عبر القواعد المنطقية حين "تطور المنطق من مرحلة فلسفية إلى مرحلة رياضية صرفة... يحل فيها الحساب محل القياس فضلا عن الأنواع الكثيرة التي استجدت على عالم المنطق  بعد أرسطو بحيث أصبح المنطق علم كل العلوم، وأصبحت قواعده تنطبق على كل العلوم وتحتاج إليه العلوم جميعا"([29])، ومن هذه العلوم علم البلاغة الذي طبقت عليه قواعد نظرية المقولات؛ حيث وظفها البلاغي المغربي صاحب المنزع البديع وذلك على مستوى منهج الكتابة والتأليف والصياغة. فكيف استفاد صاحب المنزع من هذه النظرية وكيف وظفها؟ وهل سعى إلى تطبيق قواعد آلية التجنيس تطبيقا حرفيا؟ أم تعامل معها تعاملا يراعي خصوصيات البلاغة العربية ومدى انسجامها مع المباحث المنطقية، فيأخذ المناسب منها ويعدل، وينتقد، ويناقش؟

لا شك أن عنوان مؤلف السجلماسي (المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع) يشير صراحة إلى أن آلية التجنيس ستشمل المنزع كله، وذلك من خلال تطبيق المقولات العشر، أو نظرية التجنيس التي قُسم الكتاب على مقاسها، وقد سماها المؤلف أساليب البديع، "وهي: الإيجاز، والتخييل، والإشارة، والمبالغة، والرصف، والمظاهرة، والتوضيح، والاتساع، والانثناء، والتكرير"([30]).

والناظر إلى عنوان الكتاب، يدرك أن صاحبه قد حدد عمله في بناء نظرية جديدة في البلاغة العربية تقوم على منهج جديد يوظف التجنيس باعتباره آلية منطقية؛ حيث اعتبر السجلماسي البيان عِلْمًا من العلوم تندرج ضمنه كليات سماها بالأجناس العشرة قياسا على المقولات العشر، فكل أسلوب من هذه الأساليب البديعية مرجعه إلى علم البيان، وأكد السجلماسي غير ما مرة أن "هذا الجنس من علم البيان"([31])، فهل علم البيان هو الجنس العالي الذي يعلو كل الأجناس العشرة؛ أي إن الأجناس العشرة أجناس متوسطة تندرج تحت علم البيان في نظرية السجلماسي؟

إن "علم البيان" ليس جنس الأجناس، بل هو علم كلي تشترك فيه كل الأجناس على تباينها الذاتي، لذلك نظر السجلماسي"- في كلياته- إلى العبارة البلاغية التي تهم الخطابة والشعر"([32])، لأن الصناعتين متباينتان على مستوى طبيعة الخطاب، فكان لزاما أن يتم "وضع حد للخلط والاضطراب الذي عرفه هذا الجانب من تراثنا النقدي بسبب عدم تمييز «الأقاويل الخطبية من الأقاويل الشعرية» لالتباس كلياتها بموادها وعسر انتزاعها منها وغور الفحص فيها، ولن يتم ذلك إلا بقيام نظرية على يد فيلسوف متمكن وناقد بلاغي ذواقة للأدب، مدرك لصناعته"([33]).

وهذه الشروط قد توفرت في أبي محمد القاسم الذي ردَّ الأجناس إلى علم البيان، مستندا في رؤيته على نظرية التجنيس التي تميز بين الجوهر الواحد والأعراض التسعة، فهل اعتبر جنس التخييل عمود الأجناس؟ وهل يمكن أن يُحمل قوله: "هذا الجنس هو عمود علم البيان وأساليب البديع من قبل أنه موضوع الصناعة الشعرية"([34])، على اعتباره جوابا بالإيجاب عن السؤال السابق؟

قبل تقرير الجواب في هذا الأمر، نشير إلى كيفية تحديد الجنس في المنزع، وأسمائه وأنواعه.

1.3-تحديد الجنس في المنزع:

الأجناس العالية، أو كليات علم البيان، أو أساليب البديع، مصطلحات مترادفة داخل المنزع، دالة على مجموع الأجناس التي حصرها السجلماسي في عشرة، وكل جنس قابل للتقسيم والتفريع إلى أساليب أخرى تتفرع عن الجنس العالي، ولـم يرد في المنزع أيُّ جنس أو أسلوب أو مقولة غير متفرع إلى مجموعة من الأجناس المتوسطة والأنواع التي تختلف كميًّا من جنس لآخر، إلا أن هذه الفروع لها قواسم مشتركة تجعل من طبيعتها روحا تسري في مختلف تقسيمات الجنس الواحد.

وقد توقف صاحب المنزع عند كل أسلوب من الأساليب العشرة وقفة يكشف فيها عن الدلالة اللغوية وعلاقتها بالدلالة الاصطلاحية، وذلك من خلال تتبعه للمعنى اللغوي الجمهوري الوضعي الذي أطلق عليه مصطلح (الموطئ).

واختيار السجلماسي لمصطلح الموطئ هو اختيار للجانب المنهجي والمعرفي الذي يبرز في "تحديد المعنى اللغوي/ المعجمي للكلمة في وضعها الأصلي، وإبراز طبيعتها الاشتقاقية (...) وأحيانا يقوم الموطئ بتحديد المعنى الخاص الذي يقصده السياق إذا تعددت معاني الكلمة"([35])، ويقدم من خلاله أيضا "الإطار العام للمصطلح لعلاج المشاكل التي يمكن أن تعترضه قبل تنقية الطريق أمام المصطلح الثاني"([36])، الذي سماه "الفاعل"، فما المراد به؟

إن الفاعل "يمثل القانون الأسلوبي الأساس في عرض المصطلح المدروس وتوثيقه ومناقشته وخدمته بالنظر والتطبيق والعلوم المعتمدة في سياق دراسته لغة أو نحوا أو صرفا دون التخلي عن علمين أساسيين هما: المنطق وضمنه التصور أو المعرفة الفلسفية ثم البلاغة والنقد"([37])، والغاية منه هي الفصل بين مجال المعنى في مستواه اللغوي المستعمل من جهة، والدلالة التي أخذها المصطلح داخل الحقل الصناعي من جهة ثانية.

2.3- أسامي الأجناس والأنواع:

يحمل كل جنس من الأجناس العشرة الواردة في المنزع مصطلحا أو اسما يميزه عن باقي الأجناس: "كالإيجاز والتخييل..."، وكل نوع من الأنواع المندرجة تحت هذه الأجناس العالية أيضا مصطلحات أو أسماء مختلفة عن بعضها البعض؛ لكن بعضا منها يحمل لفظ الجنس الذي يعلوه سواء كان متوسطا أم عاليا: كجنس المبالغة وهو جنس عال، أما نوعه الثاني فإنه قد سُمي باسمه (نوع المبالغة)؛ وهذا النوع أكثر أنواع المنزع تفريعا وتقسيما في شجرة التركيب البنيوي لمصطلحاته ومفاهيمه، وداخل الأنواع نجد نوعا سماه السجلماسي باسم النوع الذي تفرع عنه، وهو نوع التجاهل المنقسم إلى التشكيك والتجاهل؛ (فالتجاهل نوع يندرج تحته نوع يسمى التجاهل).

إن هذه الخاصية الاصطلاحية([38]) في الأسامي لدى السجلماسي غير واردة في الصناعة المنطقية، فلا يوجد نوع من الأنواع يسمى باسم الجنس الذي يعلوه، ولذلك يمكن اعتباره هذه المسألة من بين العقبات التي وجدها السجلماسي في عمله المنهجي بالمنزع.

3.3- أنواع الأجناس في المنزع:

يتضمن منزع السجلماسي أربعة أنواع من الأجناس، هي: الجنس العالي، والجنس المتوسط، ثم الجنس الملائمي، وأخيرا الجنس المنافري.

أ‌.            الجنس العالي: هذا الجنس له خصائصه التي تميزه عن غيره من الأجناس داخل المنزع، فقد افتتح به السجلماسي كتابه وأنهاه به أيضا، ومن جملة خصائصه، أنه مستقل بذاته في الترتيب حيث "لا يترتب تحت شيء"([39])، فهو أعلى من أن يندرج أسفل شيء ينتمي إليه، و"لا يحمل على جنس آخر عال أصلا"([40])، فهو قائم بذاته لا يتداخل مع غيره من الأجناس الأخرى العالية، ولا يمكن أن يندرج تحتهم، وبهذا يكون الجنس العالي في المنزع قد أُخضع للخصائص والمميزات التي تحدث عنها المناطقة، وقد سبق ذكرها أعلاه.

ب‌.        الجنس المتوسط: هو الجنس الذي يندرج تحت جنس وتحته جنس، فيكون جنسا قسيما، وهذا الجنس لا يرقى إلى درجة الجنس العالي، ولا يمكن أن يكون نوع الأنواع؛ أي لا نوع يتفرع عنه، بل يتفرع عنه نوع يندرج تحته بالضرورة، قال عنه أرسطو: "وقد يقال أيضا على جهة أخرى "جنس" للذي يرتب تحته النوع...لأن هذا الجنس هو مبدأ للأنواع التي تحته، ويظن به أنه يحوي كل الكثرة التي تحته"([41])، وقد سماه المناطقة الجنس المتوسط وعلى نهجهم سار السجلماسي، فكان يسميه في المنزع بالاسم نفسه قائلا: "المفاضلة جنس متوسط تحته نوعان([42]) (...) انقسم هذا الجنس المتوسط إلى نوعين([43]) (...) هذا النوع هو جنس متوسط(...)"([44]).

4.3- منهج السجلماسي في بناء الجنس العالي:

سار السجلماسي وفق منهج واضح في تناوله للأجناس العشرة، حيث تتبع خطوات مطردة في سائر الأجناس، ما عدا الجنسين الثاني والثامن (التخييل والاتساع). وتتمثل تلك الخطوات في الآتي:

1.  تحديد الدلالة اللغوية لمصطلح الجنس العالي؛ يقول مثلا عن الرصف، وهو الجنس الخامس: "رصف بين شيئين: ضم بينهما. صاحب العين: رصف قدميه: ضمهما، والرصف: حجارة مضمومة في مسيل"([45])، ولكن هذه المرحلة في الجنس السادس (المظاهرة) لـم تدرج بداية من قبل صاحب المنزع نظرا لاهتمامه بالنوعين: (المزايلة والمواطأة) وإنزالهما تحت جنس واحد، وهما نوعان متضادان، أما في جنس التخييل، فإن الاستهلال لـم يتم وفق نفس المرحلة التي تتصدر معظم الأجناس، وذلك راجع إلى اعتباره هذا الجنس هو عمود الصناعة الشعرية، "وموضوع الصناعة في الجملة هو الشيء الذي فيه ينظر وعن أغراضه الذاتية يبحث"([46])، وقد حلت محل هذه المرحلة تعاريف بعض البلاغيين لهذا الجنس عوض الدلالة المعجمية.

2.  توضيحه طبيعةَ مصطلح الجنس العالي الذي يتأرجح بين الأصالة والنقل؛ فيكون أصيلا في علم البيان، أو منقولا إليه، فالإيجاز "منقول إلى هذا الجنس من علم البيان"([47])، وجنس الإشارة "منقول إلى هذه الصناعة وموضوع فيها"([48])، وجنس المبالغة "منقول من ذلك الحد والاستعمال على ذلك المعنى إلى صنعة البلاغة وعلم البيان على سبيل نقل الأسامي الجمهورية إلى الصنائع الناشئة"([49])، أما جنس الرصف فهو أيضا "نقل إلى علم البيان"([50])، أما الجنس السادس (المظاهرة)فقد نقله السجلماسي وعلل نقله بقوله: "إنه ينبغي أن ننقل إليه لفظ المظاهرة (..) فلذلك ينبغي أن ننقل إليه اسم المظاهرة لتوفر شريطة نقل الاسم الجمهوري إلى المعنى الصناعي"([51])، أما سائر الأجناس الأخرى فإنها منقولة، فالرصف "نقل إلى علم البيان"([52])، وجنسا الاتساع والانثناء منقولان "إلى هذه الصناعة"([53])، إلا أن جنسي التخييل والتكرير لم يشر إلى أنهما منقولان، فقال عن التكرير: "وتمام الموطئ من نقل الاسم وبيان النسبة بين بذاته"([54])، فهل يمكن أن نفهم من كلام السجلماسي أن المصطلحين أصيلان في البلاغة العربية؟

3.      تحديد المناسبة بين انتقال المصطلح من المعنى الجمهوري إلى المعنى الصناعي الحادث، وقد حددها في التشابه، أو التعلق به بأحد الوجوه، فيكون من خلال الفاعل، أو الغاية، أو الجزء، أو عرض من أعراضه، فأغلب الأساليب البديعية نقلت مصطلحاتها "إلى علم البيان على سبيل نقل الأسامي الجمهورية إلى الصنائع الحادثة والمعاني الناشئة فيها من أجزائها لمناسبة موجودة بين المعاني الجمهورية والصناعية، وأن يكون المعنى الصناعي المنقول إليه الاسم مشابها للمعنى الجمهوري المنقول عنه الاسم أو متعلقا به بوجه آخر من وجوه التعلق مثل أن يسمى الشيء في الصناعة باسم فاعله عند الجمهور أو غايته أو جزئيه أو عرض من أعراضه"([55]).

ويحدد أيضا في كل جنس جهة التعلق، لكن جهات التعلق هذه، أو الالتقاء تقوم على المشابهة في ستة أجناس، بينما نجد الأجناس الأربعة الأخرى قد تعذرت الإشارة إلى جهة الالتقاء فيها، أقصد الجنس الثاني (التخييل)، والجنس الثامن (الاتساع)، والجنس التاسع (الانثناء)، والجنس العاشر (التكرير).

4.  تحديد الجنس تحت مسمى الفاعل([56])، إذ يذكر أحيانا مفهومه عند من سبقه من البلاغيين، يقول عن فاعل الجنس الأول (الإيجاز): "فالفاعل هو قول مركب من أجزاء فيه مشتملة بمجموعها على مضمون تدل عليه من غير مزيد"([57])، ثم أردف الفاعل بتحديد لمن سبقه من البلاغيين؛ كابن رشيق، "وقال قوم: هو العبارة عن الغرض بأقل ما يمكن من الحروف"([58]).

5.  بعد تقرير الموطئ والفاعل، ينتقل إلى مرحلة يتحدث فيها عن الأنواع المتناسلة من الجنس العالي، فيذكر عدد الأنواع التي تحته واسم كل نوع؛ كقوله: "(...) جنسا عاليا يحمل على نوعين- تحته- متوسطين: الأول: الاقتضاب، والثاني: الإبهام"([59]).

وهذه المرحلة كانت هي الأولى في الجنس الثاني (التخييل)، و"هذا الجنس من علم البيان يشتمل على أربعة أنواع تشترك فيه ويحمل عليها من طريق ما يحمل المتواطئ على ما تحتهن وهي: نوع التشبيه، ونوع الاستعارة، ونوع المماثلة –وقوم يدعونه التمثيل-، ونوع المجاز"([60])، ولعل ابتداءه بهذه المرحلة في هذا الجنس يعود إلى المكانة التي بوأها السجلماسي إياه لكونه عمود أساليب البديع وموضوع الصناعة الشعرية.

وتكمن غاية تحديد الجنس في محاولة جمع عناصره، وفي الفصل أيضا قصد منع دخول الأشياء والأجزاء التي ليست من الجنس العالي، "وبهذا استطاع أن يعزل المتداخل والمترادف والمتشارك والمشكك"([61])، فكل جنس من الأجناس العالية يقوم بناء على خصائص مشتركة لكل ما يندرج أسفله من الأنواع الوسيطة إلى ما تحتها من الأنواع، ويتم التفريع والتقسيم لـهذه الأنواع بناء على الفصول التي تميز وتقوِّم كل جنس متوسط عن نظيره، كما تميز كل جزء عن جزء آخر، فما المنهج المتبع في التفريع والتقسيم؟

5.3- منهج السجلماسي في إيراد الأنواع:

سار السجلماسي في منزعه على خطوات تكاد تطرد حين قسم الأنواع المندرجة تحت الجنس العالي، وكان أهمها:

1.  الإشارة إلى الموطئ، وما دام النوع تابعا للجنس فإنه يكتفي بقوله:" والموطئ فيه بين"([62]).

2.  تحديده للفاعل باستعمال عبارة: "والفاعل هو" ([63]).

3.  حديثه عن قيمة النوع بالنسبة للدلالة ومرتبته؛ كقوله: "وهذا النوع هو من الدلالة في المرتبة العالية والطبقة الرفيعة"([64])، لكن هذه المراحل لم ترد في كل نوع مرتبة بالترتيب نفسه الذي انتهجه منذ الوهلة الأولى، بل نجده أحيانا يبدأ بعنصر ذي أهمية يروم توضيحه قبل انتقاله إلى الخطوات التي سلكها.

4.  إيراده شواهد النوع من القرآن، والشعر، والحديث النبوي، والنثر الفني، وأحيانا يوظف الجمل التقنية، لكنه لـم يتبع ترتيبا موحدا في إدراج الشواهد، ولم يمض في الكتاب على احترام عددها، بل كان ذلك متنوعا من حيث الترتيب والعدد، كما تجده أحيانا يشرح الشاهد ويبين وجه الظاهرة البلاغية فيه، وقد يتركه مهملا لوضوحه.

وفي حالة تناسل النوع إلى أنواع أخرى يذكر المسألة، وينبه على أنه نوع متوسط تحته أنواع، ثم يشرح العلة الكامنة وراء انقسام النوع أو الجنس المتوسط إلى أنواع باستعمال عبارة (لأنه)؛ كقوله: "والمفاضة جنس متوسط تحته نوعان: أحدهما: الاختزال، والثاني: التضمين وذلك لأنه إما أن لا يخرج أحد جزئي القول من القوة إلى الفعل"([65])، وفي هذه المرحلة يتبع منهجا أشبه بالمنهج المتبع في الجنس العالي الذي يتسم بـــــ:

1.          الاختزال في تتبع المصطلح لغة

2.          بيان طريقة انتقال المصطلح من الوضع الجمهوري إلى الوضع الصناعي

3.          تحديده للفاعل موظفا عبارة: (والفاعل هو...)

ثم يقسم الجنس المتوسط إلى أنواعه؛ كتقسيم جنس الاختزال إلى نوعين: الاصطلام والحذف، ثم تناول نوع الاصطلام من جانب اللغة متتبعا بنيته الصرفية ودلالته المعجمية.

وبعد تقرير الموطئ، انتقل إلى الفاعل الذي أدرج أسفله نوعين من الجنس المتوسط قائلا: "واسم الاصطلام هو مثال أول لقولهم: اصطلم- افتعل- من الصَّلم وهو القطع، وإبدال الطاء فيه من تاء من مشهور مسائل علم البدل، وبعد تقرير الموطئ، فتوفية الفاعل هو: قول مركب من أجزاء...وهو جنس متوسط تحته نوعان: أحدهما: الاكتفاء، والثاني: الحذف المقابلي أو الاكتفاء بالمقابل.."([66])،  وقلما نجد في المنزع أنواعا مذكورة غير مدرجة ضمن الشجرة البنيوية لأساليب البديع، إذ نجد السجلماسي يشير إلى أنواع متفرعة عن الجنس القسيم؛ كالنوع الثاني (التفسير) من الجنس العالي (التوضيح) الذي تحدث فيه عن نوع الاكتفاء، ولم يعتد به نوعا قسيما "لكون نوع الاكتفاء أقعد به، وإنما عرض أن تركب هنا أسلوب الاكتفاء بأسلوب التفسير فهو من باب تركيب الأساليب، ولذلك لم نعتد به نوعا قسيما في هذا الموضع بل أجريناه في أثناء القول"([67])، ولا نجد في المنزع أي نوع يتكرر تحت جنسين مختلفين، وذلك راجع إلى وجود نوع من الاستقلالية بين الأنواع، فلو وجد غير هذا لتم إدراج النوعين تحت النوع القسيم الواحد، بخلاف الشواهد التي قد ترد في نوعين مختلفين ينتميان إلى جنس عال واحد، ومن ذلك بيتا الخنساء اللذان وردا شاهدا في نوع التسهيم من الجنس المتوسط (التحليل) من الجنس الخامس (الرصف).

ويرى السجلماسي أن هذا الشاهد أولى بأن يكون في نوع المقابلة من الجنس المتوسط (الإرصاد) من الجنس العالي (الرصف)، وعلق عليه بقوله: "فإن النوع الأول من النوع الأول من هذا الجنس أولى به أعني المقابلة"([68])، ومن الأنواع التي شابها الاختلاط عند بعض البلاغيين، وعدّها السجلماسي نوعا واحدا، الالتفات والاعتراض وهما نوعان من الجنس التاسع (الانثناء)، وجاء السجلماسي وردّ الأمور إلى نصابها، توفية للهدف الذي جعله نصب عينيه، ولذلك رأى أنه قد "غلط من عدها نوعا واحدا غير متباين، ونحن فلما ألفيناها هنا معنيين متباينين معقولين واسمين، والأسماء في أصل الوضع هي على التباين وذلك بالذات والاشتراك فيها بالعرض، فصلنا وأنزلنا كل واحد منهما في الجنس الذي يرتقي إليه ويقتضي الدخول تحته، وخصصناه بأنسب الاسمين إليه فخصصنا هذا النوع باسم الالتفات، وخصصنا النوع الآخر باسم الاعتراض"([69]).

6.3- التداخل بين الأجناس:

إن الأجناس العالية مستقلة تمام الاستقلال عن بعضها البعض، فلا يحمل جنس على جنس، ولا يتداخل جنس مع جنس آخر، وعليه، فإن الأساليب البديعية العشرة في المنزع لا تتداخل، ولا يحمل أسلوب على آخر أيضا مادامت هذه الأساليب بمثابة أجناس عالية، فلا يمكن مثلا أن يكون جنس الإشارة تحت جنس المبالغة،
أو جنس الرصف، أو غيره من الأجناس، فكل جنس قائم بذاته منفصل تمام الانفصال عن الجنس الآخر، والمسافة التي تفصل بين الجنسين متساوية، وذلك ما تقتضيه الصناعة المنطقية، "وقد تقرر في الصناعة النظرية أن الأجناس العالية ليس يحمل بعضها على بعض، ولا يدخل بعضها ولا يترتّب تحت بعض لتقابل الطبيعتين والحقيقتين والذاتين وقولي الجوهر تباينهما، ولأنه ليس أن يترتب أحدهما تحت الآخر وأن يحمل أحدهما على الآخر، بأولى من دخول الآخر تحته وحمله عليه"([70])، واقتضت الصناعة أيضا مجموعة من الخصائص التي يجب أن تتميز بها الأجناس العالية وأهمها:

أ‌-               لا يحمل بعضها على بعض.

ب‌-          لا يدخل بعضها مع بعض.

ج‌-            لا يترتب بعضها تحت بعض.

لأن الجنسين متقابلان في الطبيعة والحقيقة والذاتية، ويؤكد مرة أخرى السجلماسي تلك الخصائص التي شكلت مبادئ عند أرسطو، "فالجنس العالي لا يترتب تحت شيء ولا يحمل على جنس آخر عال أصلا لما قد سبق بيانه"([71])، وما يتميز به الجنس العالي ينسحب أيضا على النوع القسيم، حيث إن:

أ‌-               النوع القسيم لا يحمل على قسيمه.

ب‌-          ولا يحمل على نوع آخر تحت جنس آخر.

ت‌-          ولا يترتب تحته.

ث‌-          ولا يرتقي النوع القسيم إلى جنس غير الجنس الذي يرتقي إليه الآخر.

ويؤكد صاحب المنزع هذه الخصائص التي سيعمل على تطبيقها في الأجناس البديعية التي تنتظم الصناعة البديعية داخلها، قال :"والنوع القسيم لا يحمل على قسيمه ولا على نوع آخر تحت جنس آخر، ولا يترتب تحته من قبل ارتقائهما معا إلى جنس يعمهما معا، وارتقاء واحدٍ واحدٍ من النوعين اللذين تحت جنسين عاليين إلى جنس غير الجنس الذي يرتقي إليه الآخر، وقد تقرر ذلك كله في النظريات"([72])، فهل استطاع السجلماسي تطبيق هذه القواعد في تمييز الأساليب البديعية العشرة بالمنزع؟

 كادت هذه المبادئ والحدود المنطقية الصارمة أن تشمل جميع أجناس المنزع، إلا أن الاستثناء وارد، حيث تجد النوع الجزئي يدخل تحت كليين اثنين؛ كالسلب والإيجاب اللذين يدخلان تحت جنسي المبالغة والمطابقة، ولا إشكال في ذلك عند السجلماسي الذي اعتبره غير شاذ عن المبادئ السابقة، بل له ما يسوغه في الصناعة ذاتها، فهذا "النوع، وإن كان قد تبين أيضا أنه نوع داخل تحت جنس المطابقة، فلا خفاء بدخوله في هذا الجنس لما قررناه، وهو واضح بذاته، ولا غرو من دخول الجزئي الواحد تحت كليين اثنين فصاعدا، لكن من جهتين أو جهات لا من جهة واحدة، كما عرض في هذا الموطن من دخول هذا النوع الذي هو السلب والإيجاب تحت جنس المطابقة والمبالغة"([73])، ويمكن اعتبار الحالات الشاذة والخارجة عن المطّرد من القواعد حالات تؤكد نسبية الاطراد الذي لا يمكن أن يصل إلى حد المطلق مادام الأمر يتعلق بظاهرة طبيعية يصعب على القواعد الصورية الصارمة الإحاطة بها.

7.3- تداخل الأنواع:

قال السجلماسي في خضم حديثه عن النوع الثالث من القسمة الأولى (المماثلة)، أو (التمثيل): "والنوع الأول من النوع الأول من الجنس الثالث أولى به"([74])؛ يقصد نوع التتبيع من النوع الأول الاقتضاب من جنس الإشارة، ويقول أيضا: "إنه من صور هذا النوع، ويشبه أن يكون ذلك منه إنما هو في البيت الثاني فقط، فأما الأول فإن النوع الأول من النوع الأول من هذا أولى به، أعني المقابلة"([75]).

إن هذه الإشارات تعبر عن التداخل الموجود بين نوع (المماثلة) من جنس (التخييل) ونوع (التتبيع) من نوع (الاقتضاب) من جنس (الإشارة) ثم (المقابلة والتسهيم)، ولذلك، فإن "مبدأ نقاء الأجناس والأنواع لـم يتحقق إلا جزئيا على مستوى الممارسة لأن القارئ للكتاب يرى أنها تداخلت وتقاطعت وتشابكت، هكذا تداخل الجنس الأول الإيجاز مع الجنس الثالث الإشارة، ومع العاشر، وتقاطع الجنس الثاني التخييل مع الجنس الثالث الإشارة"([76])، فهل يعكس هذا التداخل عدم معرفة السجلماسي بالمنطق معرفة تامة، أم أنه كان خبيرا بصنعته، ملما بقضايا المنطق وما يدور في فلكه؟

 كان السجلماسي ملمًّا بهذا التداخل وواعيا به، فحين طبق نظرية التجنيس كان يشعر بهذا التداخل "شعورا حادا، ولذلك نبه إليه أحيانا كثيرة، ولم ينبه إليه أحيانا أخرى"([77])، وإنه من الصعوبة تطبيق قواعد المنطق القائمة على أسس عقلية صورية ثابتة، وإسقاطها على علم البيان الذي يترنح بين التخييل والتداول، أو بين الإقناع والإمتاع، وبين الشعر والخطابة.

إن السجلماسي الذي حاول من خلال النظر في الميراث الأرسطي والبيان العربي صياغة نظرية بلاغية فريدة من نوعها، قد وقفت أمام عمله عقبات تمس جوهر المنطق وقواعده الصارمة التي لم تكن قابلة للتطويع أمام الدرس البياني، وذلك راجع إلى اختلاف الطبيعتين، وليس إلى قصور في عمل السجلماسي الذي يبدو أنه ليس "مسؤولا عن هذا التداخل (بين الأجناس والأنواع)، ولكن المسؤولة عنه هي القاعدة الصلبة التي وضعها أرسطو وتوارثتها الأجيال من بعده"([78])، ولكن رغم هذه الخصوصيات التي تنفرد بها كل صناعة على حدة، يكون عمل السجلماسي قد أضاف قيمة إلى البيان العربي حين متح من التراث اليوناني آلية التجنيس التي نالت قسطا وافرا من الحديث عند الشراح المسلمين، وهي آلية محايدة([79]) ليست ذا لون مرتبط بمجال دون آخر، وقد استطاع أيضا أن يوائم بين ثقافته الأصيلة والدخيلة، وأن يبدع في عمله الذي لم يكن اجترارا وتَكررا لما قيل وكفى، بل كان مبدعا مناقشا وذا رؤية ثاقبة، ولـم يكن همّه إسقاط القواعد المنطقية على البديع وأساليبه.

8.3-التداخل بين الفصول:

إن الفصول([80]) في الصناعة المنطقية تقوم بدور التمييز بين الذاتيات في الأشياء المشتركة، ويصلح أن تقع في تحديد حقيقة الشيء حين يدخل في جواب ما هو الذاتي فقط، ويحدد الفصل بأنه "هو ما يصدق على كثيرين ويقع في جواب -أي شيء يميز في ذاته- أي شيء يميز الماهية ويكون مندرجا في ذاتياتها([81]) فإذا قيل لك "مشيرا إلى ما ينبت من الأرض: ما هو؟ فلابد أن تقول: جسم، لكن لو اقتصرت عليه لبطل عليك بالحجر، فتحتاج إلى الزيادة، فتقول: نام، فتحترز به عما لا ينمو، فهذا الاحتراز يسمى فصلا؛ أي: فصلت به المحدود عن غيره"([82])، وهذه القاعدة واردة في المنزع حين يفصل بين نوعين ينتميان إلى جنس واحد، ويكون المميز محددا للماهية، فإذا حددنا المساواة في المنزع فنقول هي: "قول مركب من أجزاء فيه متساوقة لمضمونها مطابقة له من غير زيادة ولا نقصان"([83])، فالجملة الأخيرة من التعريف فصل أو قيد ثان، وهو جزء من ماهية المعرف (المساواة)، وبه ينفصل عن النوع الثاني (المفاضلة) من الجنس العالي (الإيجاز)، وهكذا في سائر الفصول المقومة للأنواع في المنزع، إلاَّ أنه يلاحظ في الجنس السادس من المنزع (جنس المظاهرة) أن فصلين يقومان نوعين مندرجين تحت نوعين آخرين مختلفين؛ وهما: قصد المقاومة والمداناة، ولا قصد المقاومة والمداناة، أما النوعان فهما المطابقة والمكافأة من جنس المباينة من المزايلة، والآخران هما نوعا المحاذاة والمناظرة من جنس المواطأة، كما توضحه هذه الخطاطة.

 

 

 

 

 

 

يعلق السجلماسي على هذه الخطاطة، قائلا: "ولما كان قصد المقاومة والمداناة، ولاقصد المقاومة والمداناة فصلين قد قوما نوعي النوع الأول وهو المباينة من النوع الأول وهو المزايلة من جنس المظاهرة، أعني المطابقة والمكافأة، وكان أيضا ها هنا كذلك، أعني مقومين لنوعي النوع الثاني، المدعو المواطأة وهما: المحاذة والمناظرة"([84])، فهذا الأمر يثير إشكالا حول وضع معناهما العام جنسا "ينفصل إما بقصد المقاومة والمداناة بين المنافريين وإما بقصد المقاومة والمداناة بين الملائمين فيكون نوع المكافأة قسيم نوع المحاذاة والقول"([85]).

يجيب السجلماسي عن هذا الإشكال، ويرى أن "الأجناس المتوسطة والأنواع الأخيرة غير القسيمة المرتقية إلى جنس واحد عال فإن اشتراكهما في الفصول المقسمة والمقومة ممكن بـما يوجبه ظاهر قول أرسطو طاليس في صدر كتابه، وهو الذي كان يراه الأسكندر"([86])، ثم أعطى مثالا فيه فصول منقسمة في جنسين ومقومة لأنواعها أيضا، وترتقي إلى جنس واحد، هو الحيوان (مائي/غير مائي)، والنبات (مائي/غير مائي)، ثم يعقب عليه بكلام مضاد للرأي الأول، فهؤلاء القوم من المشائين ينكرون ما ذهب إليه الأسكندر، و"يرون أن الأجناس المختلفة  التي ليس بعضها مرتبا تحت بعض كيفما كانت، فإن تلك التي يقال إنها فصول قاسمة لها أو مقومة، مختلفة، ولا يمكن أن تشترك في شيء منها أصلا، وإن كثيرا من تلك التي يقال فيها قاسمة أو مقومة للأجناس غير القسيمة المرتقية إلى جنس واحد عال ليست هي فصولا بل أخلق بها أن تكون إما أعراضا وإما فصولا غير ذاتية تتقوم بها جواهر تلك الأشياء"([87]).

حاول السجلماسي التوفيق بين الرأيين، وخلص إلى نتيجة جمعت بينهما، فكان موقفه سليما، لأن النوعين من المزايلة والمواطأة وما تفرع عنهما من أنواع غير قسيمة، راجعان إلى جنس واحد عال، أما الفصول فقد تكون غير ذاتية أو أعراضا، "فهذا ما نراه في حل هذه الشكوك"([88]).

وما ذهب إليه السجلماسي يؤكده كتاب المقولات لأرسطو حين فصل بين الفصول في الأجناس التي ليس بعضها مرتبا تحت بعض، فهذه الفصول "في النوع مختلفة، من ذلك أن فصول الحيوان كقولك: المشاء، الطائر، وذو الرجلين، والسابح؛ وفصول العلم ليست شيئا من هذه، فإنه ليس يخالف علم علما بأنه ذو رجلين"([89])، وبيْن الفصول في الأجناس التي بعضها تحت بعض، إذ ليس هناك "مانع يمنع من أن يكون فصول بعضها فصول بعض بأعيانها، فإن الفصول التي هي أعلى تحمل على الأجناس التي تحتها حتى تكون جميع فصول الجنس المحمول هي بأعيانها فصول الجنس الموضوع"([90]).

ويرى محمد مفتاح أن الاختلاط حاصل، فرغم كل "المجهودات النظرية التي بذلت لإنقاذ مبدأ الاستقلالية فإن الاختلاط حاصل والتداخل موجود مثلما يعكسه هذا الجنس بوضوح، إذ هناك فصل مقوم لأكثر من نوع وأكثر من جنس"([91])، فهذه إحدى العقبات التي استوقفت السجلماسي خلال تنظيره، فسوغ اختياراته وعلل عمله فيها، وكما أشرت سابقا لم يكن عمل صاحب المنزع آليا يتوخى التنزيل دون مراعاة متطلبات ومقتضيات الصناعة البديعية، ولذلك قيل: "فمن يترك نقد أداة لم يتول بنفسه صنعها، فلا يبعد أن يكون هذا الترك راجعا إلى عدم التمكن منها؛ ومن لم يتمكن من الأداة التي يعمل بها، لا يبعد أن يسيء استعمالها"([92])، ذلك حال صاحب المنزع المتمكن من صنعته وعمله.

 

9.3-منهج السجلماسي في ترتيب الأجناس العالية:

تُرتب الأجناس العالية العشرة عند المناطقة ترتيبا يحتل فيه الجوهر المكانة الأولى، وتأتي في المراتب الموالية الأعراض، فهل طبق هذا الترتيب السجلماسي في المنزع؛ فيكون الجنس العالي الأول جوهرا، وغيره أعراضا تبعا للترتيب الذي درج عليه الفلاسفة المناطقة منذ أرسطو؟

أشار صاحب المنزع في بعض الأجناس إلى مرتبته، فقد اعتبر الجنس الثاني (التخييل) هو "عمود علم البيان وأساليب البديع من قبل أنه موضوع الصناعة الشعرية وبخاصة نوع المجاز منه"([93])، وهذا النوع هو الذي أسهب وأطنب في إيراد الصور الخاصة به([94])، فهل يعني هذا أن جنس التخييل هو جوهر الأساليب البديعية العشرة مادام هذا الجنس هو عمود علم البيان وأساليب البديع؟ إن كان كذلك فإنه لا يستجيب للترتيب الذي درج عليه المناطقة.

إن هذا الجنس في المنزع له وضع خاص ضمن الأجناس العشرة؛ فهو يمثل روح الشعر وجوهره، وعمود الصناعة الشعرية، وعمود أساليب البديع، فنجد مصطلح التخييل "أو أحد مشتقاته قد ورد عنده في أجناس أخرى"([95])، وهي: الإيجاز([96])، والإشارة([97])، والمبالغة([98])، والمظاهرة([99])، والتكرير([100])، وهذا الوضع لجنس التخييل في المنزع يرتبط بموضوع الصناعة الشعرية، "وعلى هذا فإن علاقة (جنس التخييل) بـ (علم البيان) تتحدد في اعتبار الأول جنسا من أجناس الثاني"([101]) مع استبعاد اعتبار الأجناس العشرة مندرجة تحت علم البيان، فلا تجد السجلماسي قد أطلق اسم الجنس على علم البيان، والحال أن هذا العلم "يعد الإطار النظري العام الجامع لأجناسه، ومن ضمنها صناعة الشعر، لكن السجلماسي يعتبر هذه الصناعة الشعرية عمود هذا العلم، ومعنى ذلك: إما أن جنس التخييل يعد عنده أشرف باقي الأجناس، وإما أنه -تبعا لذلك- يتدخل في كل أو بعض أصنافها ومصطلحاتها"([102])، وعليه، فإن جنس التخييل ليس جوهرا للأساليب البديعية العشرة في المنزع، بل يمكن اعتباره أشرف باقي الأجناس وليس جوهرها، نظرا لارتباطه بالصناعة الشعرية.

وإذا لم تتحدد مرتبة جنس التخييل في الجوهرية، فإن جنس الرصف وهو الجنس الخامس في المنزع قد اعتبره السجلماسي في مرتبة مقولة الوضع، "وبالوجه الذي يكون دالا يكون في مقولة الوضع، فإذن هذا الجنس من علم البيان هو وضع في القول الواقع فيه بالنحو الذي له من الوجود"([103])، ويقول أيضا: "وحاصل هذا الجنس هو وضع في القول، والوضع هو النوع السادس من الجنس الثاني المدعو العرض من كتاب المقولات"([104])، ومقولة الوضع هي المقولة السادسة من الأعراض بعد الجوهر ذي المرتبة الأولى، والخاصة عند أرسطو، لكن الرصف في المنزع يأتي في المرتبة الخامسة داخل منظومة الأجناس البديعية، وعليه، فإنه يتعذر إسقاط الترتيب الأرسطي على المنزع، سواء اعتبرنا الجوهر في الترتيب الأول أو خارجه، ففي الحالتين معا يكون جنس الرصف مطابقا لجنس (المتى) أو لجنس (الأين)، وليس لجنس (الوضع).

 

المقولات

الجوهر

الكم

    الكيف

  الإضافة

الأين

المتى

الوضع

الملك

الفعل

الانفعال

أساليب البديع

 

الإيجاز

 التخييل

الإشارة

المبالغة

الرصف

 المظاهرة

 التوضيح

 الاتساع

 الانثناء

الإيجاز

التخييل

  الإشارة

المبالغة

الرصف

المظاهرة

التوضيح

الاتساع

الانثناء

التكرير

 

يدل هذا الترتيب الذي اعتمده السجلماسي على أنه لا يخضع للنظرية الأرسطية التي يتبوأ الجوهر فيها مكانة الصدارة، بل إن صاحب المنزع في الأساليب البديعية العشرة لا يهتم بهذه المسألة لكون البيان العربي له منطقه الخاص الذي يستقل فيه عن بعض الخصائص المنطقية.

إن الترتيب في المنزع ابتدأ من جنس (الإيجاز) وانتهى بجنس (التكرير)، ويمكن ترتيب هذه الأجناس بدءا من أي جنس دون أن يؤثر ذلك على الشجرة البنيوية العامة للمنزع، ولا يمكن أن تلاحظ خللا ما قد أصاب تلك البنية العامة لأساليب البديع، وهذا الأمر يدل على أن مسألة الترتيب في المنزع لا قيمة لها.

10.3- كمية الأجناس/ أساليب البديع:

إن الأجناس البلاغية العشرة في المنزع تتفاوت كميا من حيث العدد، فكل جنس يشمل مجموعة من الأنواع، أو الأجناس القسيمة التي تختلف من جنس لآخر، وهذه الأنواع لا ترتبط بكمِّ محدد في المنزع، بل هي منوطة بطبيعتها التي تؤهلها للإدراج أسفل هذا الأسلوب أو ذاك، ولذلك وردت وفق هذا الترتيب التصاعدي (من الأقل إلى الأكثر):

 الرتبة

1

2

3

4

5

6

7

8

  الجنس

 التوضيح

 الاتساع

 الرصف

 التخييل

 الإشارة

 الانثناء

 المظاهرة

 الإيجاز

 التكرار

 المبالغة

 عدد المصطلحات

3

7

9

15

17

19

31

70

تبدأ الأجناس بثلاثة أنواع (3)، وتنتهي بسبعين نوعا (70) من مجموع الأنواع والأجناس المتوسطة في المنزع، والتي يبلغ عددها (مائة وتسعة وثمانين/189)([105])، وهذا الترتيب التصاعدي لا يحظى بأهمية لدى صاحب المنزع، لكن يبقى السؤال؛ لماذا جاء هذا الترتيب وفق الشكل أعلاه؟ وعلى أي أساس بُني؟

لا شك أن الأنواع التي أدرجها السجلماسي أسفل كل جنس تتوفر فيه صفات ذاتية عامة يشترك فيها مع جنسه الأعلى، وصفات ذاتية خاصة تميزه عن النوع الآخر من الجنس نفسه، وعليه، يكون قد اتضح الأساس المعتمد في ترتيب الأجناس، وهو أساس منطقي يراعي خصائص الجنس الكلي، ولا يهتم بجانب العدد والكم.

11.3-الأنواع القسيمة بين الملاءمة والمنافرة:

تقتضي الصناعة المنطقية أن تكون الأنواع القسيمة المندرجة تحت الجنس الواحد (ذات خصائص مشتركة) مع التباين في الفصول، ومادامت هذه الأجناس ذات خصائص مشتركة، فإن بينها ملاءمة، وذلك حال عدد من أجناس المنزع (جنس التخييل، وجنس التكرير، وجنس التوضيح) التي تتفرع عنها أنواع قسيمة متلائمة، لكن مقولة الجنس السادس (المظاهرة)، ليس بين نوعيه القسيمين؛ (المزايلة) و(المواطأة) تلاؤم تام؛ أي بينها تلاؤم وتنافر، ولذا فإن "من أجل المزايلة والمواطأة يوفى كل جوهر كل واحد منهما بمعنى ما يضاد الآخر، أعني أن المزايلة يوفى قول جوهرها في هذه الصناعة بمعنى ما يضادُّ المواطأة"([106])، ولـما قام هذا التضاد بين النوعين، نظر السجلماسي في المسألة عند أرسطو، قائلا: "فقد يكون خليقا أن نتدبر ذلك بالنحو الذي قد قاله الحكيم في أخريات قوله في المتقابلات من كتاب (قاطغورياس) وهو كتاب المقولات"([107])، ثم أدرج ثلاثة أحوال للمتضاد، وهي:

1.          المتضادان يكونان في جنس واحد بعينه: كالأبيض والأسود (من جنس اللون).

2.          المتضادان يكونان في جنسين متضادين: كالعدل والجور (جنس الفضيلة وجنس الرذيلة).

3.          الجنسان متضادان: كالخير والشر.

ويرى السجلماسي أن النوعين (المزايلة والمواطأة) هما "على النحو الأول أعني أن يكونا في جنس واحد بعينه يعمهما وهو اللون (...) فيكون قد ظهر إمكان حمل المزايلة والمواطأة على النحو الأول من الأنحاء المثبتة عن صاحب المنطق"([108]).

12.3- الهدف من تطبيق آلية التجنيس:

يمكن أن نطرح في الأخير سؤالا حول غاية هذه الأجناس، هل يريد السجلماسي بهذا التصور لعلم البلاغة أو أساليب البديع أن يُعيد إنتاج ما توصل إليه المفسرون واللغويون والنقاد في علم البلاغة، لاسيما منذ أن بدأت البلاغة تتلمس الطريق نحو استقلال علومها وأخذها مفهوم الاستقلال الذاتي في إطار الاتحاد البلاغي لتلك العلوم؛ سواء على يد ابن المعتز أو من جاء قبله وبعده، أو على يد السكاكي ومن بعده من شراح المفتاح؟ أم أنه أراد أن يطور من خلال نظريته إنجازات البلاغيين والنقاد والنحويين والأدباء، ولكن ليس تحت رقابة هذه العلوم بل بإخضاع كل الأساليب لنظرية ذات أصول أجنبية وثقافة وافدة؟

كان صاحب المنزع البديع يروم الفصل بين الواقع المضطرب للبلاغة العربية، وهو حال ظل في حاجة إلى من ينقذه من ذلك الغبش، فكان السجلماسي أحد الذين دخلوا غمار هذه الساحة محاولا وضع تصور نظري للمنجز التاريخي البلاغي؛ إلا أن توظيف آلية التجنيس عند السجلماسي مختلف عن غيره من البلاغيين المغاربة، كابن البناء المراكشي، وحازم القرطاجني؛ حيث كان قصده هو جمع المتقارب من المصطلحات في الصناعة البديعية ووضعها في مقولات تنتمي إليها كل الأنواع والأجناس التي تحمل شبها في الذاتيات، أو تحمل قواسم مشتركة، وتنفصل أو تتميز عن الأخرى من خلال فصول مقوِّمة، ولإحكام هذه الصنعة سار صاحب المنزع وفق منهج استقرائي يروم من خلاله وضع حد للخلط الذي عانى منه مصطلح البيان العربي عبر مسيرته التاريخية، فسعى إلى تنظيم ساحة هذا البيان من الفوضى والاضطراب أيضا.

ووضع السجلماسي نصب عينيه منذ البداية هدفا يتمثل في جعل البلاغة علما قائما على مبادئ وأسس، وهذه المقومات كان يرى فيها ضرورة توفر شروط تجعلها غير قابلة لأن يتسرب إليها الخطأ على مستوى التأليف والتنظيم، وحينئذ يكون لا مناص من الصناعة المنطقية التي تهدف أساسا إلى عصمة الذهن عن الخطأ عند التفكير، فبعد دخوله حقل البلاغة الذي وجده يئن تحت وطأة الاضطراب والفوضى على مستوى الاقتراح والاصطلاح، عمد إلى تنقية البلاغة مما علق بها من شوائب، فكانت آليات المنطق، خاصة التجنيس، مخرجا ومنفذا إلى ما توخاه، وبذاك يكون قد جعل البلاغة علما كبقية العلوم الأخرى القائمة على أركان علمية تضمن العلمية والسيرورة التاريخية دون كساد بضاعتها في ميدان غير آمن، ولم يكن يهدف إلى نمذجة البلاغة وتصييرها في قوالب منطقية جافة وهو ما ترفضه الطبيعة الأدبية التي تقوم عليها البلاغة، وهذا يؤدي أيضا إلى كبح الإبداع الأدبي وتقييده من خلال عناصر علمية يتم إسقاطها على التجارب الإنسانية، بل إن ما عرفته البلاغة العربية عبر تاريخها الطويل من التنوع والتعدد في الاقتراح وفتح المجال للاصطلاح لم يكن كما نتصوره بذاك الشكل الفوضوي غير المنضبط، فقد وجد في كل عصر من الأزمنة الغابرة من يسمي المفاهيم بناء على رؤية ومنطلق فكري معين، وهو منطلق ينم عن وعي تام ومستوى علمي رصين؛ أي كانوا في مستوى العلماء والنقاد والبلاغيين الكبار، ورغم هذا، فقد وجدنا من ينادي بتنظيم صناعة البديع وجعلها في نظام ينتظمها انتظاما ويرتبها ويبوبها، وليس في قالب صناعي يفضي بها إلى العقم وكبح جماح الإبداع والخيال، فكان السجلماسي ممن لبى هذا النداء.

 

خاتمة:

جعل السجلماسي نظرية التجنيس المنطقية منهجا لبناء نظريته البلاغية، فاستثمر قواعد وآليات منطقية لوضع تصور للبيان يصير به صناعة لها قوانينها التي تحكمها وتنظمها، فشكلت آلية التجنيس قالبا يحوي المادة البلاغية في المنزع من مبتدئه إلى منتهاه، وهذا التبلور تحقق بفضل طبيعة تلك الآلية التي تعدُّ أداة إنسانية كونية شاعت بين فلاسفة الإسلام والنقاد الفلاسفة الذين سار على منوالهم صاحب المنزع، وقد ظل بفضل منهجه دُرَّةً ثمينةً في جبين البلاغة العربية، إذ لم يقف عند حدود التطبيق والتوظيف الآلي، بل تجاوزه إلى المناقشة والدفاع وإبداء الرأي انسجاما مع خصوصية البيان العربي ومقتضاه المتأرجح بين رحابة الإبداع وطرائق الإقناع.

إن السجلماسي قد طبق تلك النظرية وفق قواعد وضوابط غير صلبة خشية إفضائها إلى عقم في البيان العربي، وبالتالي انحسار الإبداع وقيد الشعور وانحباس خيال الشاعر والمبدع، وأخيرا تكون دعوى حشر تأليف كتاب المنزع ضمن اتجاه بلاغي أدى إلى عقم البلاغة وجمودها مفتقدة إلى حجج علمية تقوي هذا الادعاء، بل إن الحجج العلمية تؤكد خلاف ما شاع بين أوساط بعض الدارسين.

 

 

 


المصار والمراجع

ايساغوجي لفرفوريوس، أحمد فؤاد الأهواني، القاهرة، 1952.

تجديد المنهج في تقويم التراث، طه عبد الرحمن، المركز الثقافي العربي، ط02، 2005.

التقريب لحدّ المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية، من كتاب: رسائل ابن حزم الأندلسي، ابن حزم الأندلسي، تحقيق: إحسان عباس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط01، 1983.

التلقي والتأويل مقاربة نسقية، محمد مفتاح، المركز الثقافي العربي، ط01، 1994.

الرّد على المنطقيين، ابن تيمية، تحقيق: عبد الصمد شرف الدين الكتبي، مراجعة: محمد طلحة بلال منيار، مؤسسة الريان، ط01، 1426/2005م.

شرح السلم في المنطق للأخضري، الجندي عبد الرحيم، المكتبة الأزهرية للتراث، 2016.

العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ابن رشيق القيرواني، تحقيق: علي جيلاني، المكتبة التوفيقية، ط1، مصر، 2013.

كشاف اصطلاحات الفنون، محمد علي التهانوي ، تقديم وإشراف ومراجعة: رفيق العجم، تحقيق: علي دحروج، نقل النص الفارسي على العربية عبد الله الخالدي، الترجمة الأجنبية، جورجزيناتي، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 1996.

الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، الكفوي، أعده: عدنان درويش، محمد المصري، مؤسسة الرسالة، ط2، 1419ھ/ 1998م.

مدخل إلى المنطق (المنطق التقليدي)، فضل الله مهدي، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، 1971.

المستصفى من علم الأصول، أبو حامد الغزالي، تحقيق: حمزة زهير حافظ، شركة المدينة المنورة للطباعة، 1413ھ.

معجم التعريفات، الشريف الجرجاني، تحقيق: محمد صديق المنشاوي، دار الفضيلة (د ت).

معجم مصطلحات الفلسفة في النقد والبلاغة العربيين، إدريسو سلام أحمد، عالم الكتب الحديث، 2015.

مناهج النقد الأدبي بالمغرب خلال القرن الثامن للهجرة، علال الغازي، منشورات كلية الآداب، الرباط، سلسلة رسائل وأطروحات رقم 42، مطبعة النجاح الجديدة، 1999.

المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع، السجلماسي، تحقيق: علال الغازي، مكتبة المعارف، ط1، 1401/ 1980.

منطق أرسطو، أرسطو، تحقيق: عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات الكويت، دار القلم، ط01، بيروت، 1980.

المنطق، من كتاب الشفاء، ابن سينا، تحقيق: الأب قنواتي، محمد الخضيري، فؤاد الأهواني، ط 2، قم إيران، 1433هـ.

منهاج البلغاء وسراج الأدباء، حازم القرطاجني، تحقيق: محمد الحبيب ابن الخوجة، دار الغرب الإسلامي، ط 2، بيروت، 1981.

نص تلخيص منطق أرسطو، المجلد الثاني والثالث كتاب قاطيغورياس وباري أرميناس أو كتاب المقولات والعبارة، ابن رشد، دراسة وتحقيق: جرار جهامي، دار الفكر اللبناني، ط1، 1992.

 

 


Kaynakça / References

 

Al-3omda fi mahasini achiiri wa adabihi wa-na9dih, Ibn rachiq Al-qairawani, Tahkik: Ali jilani, al-maktaba attawfiqiya,T1, miṣra, 2013.

Alkoliyat Mo3jam fi Almostalahat wa Al foro9 Lloghawiya,T2, Alkafaoui, A3adaho: 3adnan Drouich, Mohamed Al misri, Moassat Alresalah, 1998.

Almantiq, min kitab, Achifa, Ibno Suna, Tahkik: Al-Ab qanwaty, Mohammed al-khadiri, Fouad al-ahwani, T2, Iran-qom, 1433.

Almnzah Al Bad3 fi Tajnisi Asalib Albadi3, Assijilmasi, Tahkik: Allal Ghazi,  Maktabat al-marif, T1, 1980.

Almostasfa Min 3ilmi Alosol, Abo Hamid Alghazali, Tahkik: Hamza Zohayr Hafid, Charikat almadina Almonawara litiba3a, 1413.

Arado Ala Almanti9iyin, Ibno Taimiya, Tahkik: Abde Samad Charaf Adin Alkotbi, Morajaa: Mohamed Talha Bilal Mnyar, Moassat Arayan, T1,2005.

Ata9rib Lihadi Almanti9 Wa Almadkhal Ilaih Bilalfad Alamiya Wa Al Amthila Lfikhiya, Min Kitab: Rasail Ibno Hazm Al Andalosi, Tahkik: Ihsan Aabas, Almoassasa Al Arabiya Lidirasat Wanachr, T1, 1983.

Atalaqi w Tawil Moqaraba Nasaqiya, Miftah Mohammed, Al-Markaz Atha9afi Al Arabi,T1, 1994.

Charh Asolam Fi AL Manti9 Lilakhdari, Aljindi Abde Rahim, ALmaktaba Alazhariya Li tohrath, 2016.

Isaghouji lifourforios,Al ahwani Ahmed, Al 9ahira, 1952.

Kachaf Istilahat Alfonon, Atahanaoui Mohamed Ali, ta9dim Wa Ichraf Wa Morajaa: Rafi9 Al3ajam, Tahkik: Ali Dahrouj, Na9l Anas Alfarisi Ala Alarabiya Abde Lah Alkhaldi, Atarjama Alajnabiya, Jorjzinaty, Maktabat Lobnan Nachiron, T1, 1996.

Madkhal Ila Almanti9 (Almanti9 ta9lidi), Fadl Allah Mhdi, Dar Tali3a, T1, 1971.

Manahij Ana9d Aladabi Bilmaghrib Khilala Al9arn Athamin Lhijri, 3alal lghazi, Manchorat kolyat Aladab, ribat, silsilat wa Otrohat N42, Matba3at Anajah Aljadida, 1999.

Manti9 Aristo, Aristo, Tahkik: Abderahman BAdaoui, Wakalat Al matbo3at Al kowayt, Dar Al 9alam, T1, Bayrout, 1980.

Minhaj Al-bolagha wa Siraj al-odaba, Hazim Al-qartajany, Tahkik: Mohammed Al-habib Ibn Al-khoja, Dār al-Gharb al-Islami, T2, Beirut, 1981.

Mo3jam Ata3rifat, Acharif Aljorjani, Tahkik: Mohamed Sadi9 Almanchaoui, Dar Alfadila.

Mo3jam Mostalahat Alfalsafa fi Na9di wa Al Balagha Al 3arabiyaini, Idrisou Salam Ahmed, 3alam Alkotob Alhatith, 2015.

Nas Talkhis Manti9 Aristo, Almojalad Tani wa Thalith Kitab 9ati9oryas wa Pari Arminas Aw Kitab Alma9oulat wa Al a3ibara, Ibno Rochd, Dirasat wa Tahkik: Jirar Jhami, Dar Alfikr Lobnani, T1, 1992.

Tajdid Almanhaj Fi Ta9wim Torath, Taha Abdrahman, Almarkaz Atha9afi Al3Arabi, T2, 2005.

 

 

 

 

 

                     



 (1) قدمه ابن رشد في المجلد الثاني بعبارة: "كتاب قاطيغورياس أو المقولات". انظر: نص تلخيص منطق أرسطو، المجلد الثاني والثالث كتاب قاطيغورياس وباري أرميناس أو كتاب المقولات والعبارة.

([2]) التقريب لحدّ المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية، من كتاب: رسائل ابن حزم الأندلسي.

([3]) الجوهر، الكم، الكيف، الاضافة، الأين، المتى، الوضع، الملك، الفعل، الانفعال.

([4]) "والجوهر لا يقال فيه أشد ولا أضعف أي لا يكون حمار أشد في الحمارية من حمار آخر، ولا تيس أشد في التيسية من تيس آخر، ولا إنسان أضعف إنسانية من إنسان آخر"، انظر: رسائل ابن حزم: 4/144.

([5]) قال ابن حزم: "وقد وجدت هذه القسمة الأخيرة صيغتها الحاسمة لدى ابن سينا (428) حين لم يكتف بأخذها كما هي بل أعطاها من الوصف ما ينبئ عن تدرج في القيمة، إذ وضع العلم الطبيعي في القاعدة وسماه العلم الأسفل، وجعل العلم الالهي في الأعلى، وسمى العلم الرياضي العلم الأوسط"، التقريب لحدّ المنطق: 4 /11.

([6]) الرّد على المنطقيين: 165، 166، وقد سمى ابن تيمية المقولات العشر (علما).

([7]) التقريب لحدّ المنطق: 4/117، 118.

([8]) سبق لحازم القرطاجني أن وظف هذه الآلية قائلا: "فقد تبين أن أغراض الشعر أجناس وأنواع تحتها أنواع، فأما الأجناس الأول مهما الارتياح والاكتراث أو... والأنواع التي تحت هذه الأجناس هي: الاستغراب والاعتبار والرضى والغضب... والأنواع الأخر التي تحت تلك الأنواع هي: المدح والنسيب والرثاء والهجاء"، انظر: منهاج البلغاء وسراج الأدباء: 220.

([9]) التقريب لحد المنطق: 4/116

([10]) ألف فرفوريوس المدخل إلى مقولات أرسطو، المعروف باسم ايساغوجي لأحد أعضاء مجلس الشيوخ في روما، والذي كان تلميذا بمدرسة أفلوطين، حيث أخذ العلم عن فرفوريوس وحاول أن يقرأ مقولات أرسطو فعجز عن فهمها، ثم كتب إلى فرفوريوس في صقلية يطلب معونته، فصنف فرفوريوس لأجله مقدمة ومدخلا، انظر: ايساغوجي لفرفوريوس: 43.

([11]) منطق أرسطو: 3/ 1060، و1061.

([12]) المنطق، من كتاب الشفاء:1/ 47.

([13]) رسائل ابن حزم: 4/ 114، 115.

([14]) رسائل ابن حزم: 4/122.

([15]) شرح السلم في المنطق للأخضري: 20.

([16]) شرح السلم في المنطق: 23.

([17]) شرح السلم في المنطق: 24.

([18]) المستصفى من علم الأصول: 1/42.

([19]) رسائل ابن حزم: 4/116.

([20]) تلخيص منطق أرسطو: 9، 10.

([21]) مدخل فرفوريوس: 1064.

([22]) مدخل فرفوريوس: 1065.

([23]) التقريب لحد المنطق: 4/116

([24]) مدخل فرفوريوس: 1064.

([25]) التقريب لحد المنطق: 4/116

([26]) معجم مصطلحات الفلسفة في النقد والبلاغة العربيين: 162.

([27]) مدخل فرفوريوس: 1065.

([28]) انظر: كشاف اصطلاحات الفنون: 1/597، وانظر أيضا: الكليات، معجم في الفروق اللغوية: 339.

([29]) مدخل إلى المنطق (المنطق التقليدي): 13، 14.

([30]) المنزع البديع: 180.

([31]) المنزع البديع: 218. انظر أيضا: المنزع البديع: 181، 218، 235، 252، 260، 261.

([32]) مناهج النقد الأدبي بالمغرب خلال القرن الثامن للهجرة: 606.

([33]) مناهج النقد الأدبي: 606.

([34]) المنزع البديع: 260.

([35]) مناهج النقد الأدبي: 507، 508.

([36]) مناهج النقد الأدبي: 507.

([37]) مناهج النقد الأدبي: 507.

([38]) انظر تعريف الاصطلاح في كتاب: معجم التعريفات: 27.

([39]) المنزع البديع: 290.

([40]) المنزع البديع: 290.

([41]) منطق أرسطو: 3/1060.

([42]) المنزع البديع: 185.

([43]) المنزع البديع: 187.

([44]) المنزع البديع: 201.

([45]) المنزع البديع: 337. وقد تتبع دلالة مصطلح كل جنس عال. انظر أيضا الجنس الأول: الإيجاز: 181، والجنس الثالث: الإشارة: 262، والجنس الرابع المبالغة: 271، والجنس الخامس: الرصف: 337، والجنس السادس: المظاهرة: 367. والجنس السابع: التوضيح: 414، والجنس التاسع: الانثناء: 441، والجنس العاشر: التكرير: 476.

([46]) المنزع البديع: 218.

([47]) المنزع البديع: 181.

([48]) المنزع البديع: 262.

([49]) المنزع البديع: 271.

([50]) المنزع البديع: 337.

([51]) المنزع البديع: 367، و368.

([52]) المنزع البديع: 337.

([53]) المنزع البديع: 429، و441.

([54]) المنزع البديع: 476.

([55]) المنزع البديع: 476.

([56]) الذي هو "الحد المحرَّر بحسب الأمر الصناعي"؛ المنزع البديع: 288، وهو الحد الجامع المانع، أو الحد فقط، ومعظم من سلك سبيله في التعريف واجهته صعوبات تحول بين التعريف والمعرف، وذلك شأن السجلماسي أيضا، فقد واجهته أثناء التحديد صعوبات مما جعله يعرف بالرسم، أو يعرف من خلال توظيفه لعلاقات المجاز المرسل؛ كالغاية أو الجزئية أو الشكلية، أو العرضية، أو باسم الفاعل.

([57]) المنزع البديع: 181، و182.

([58]) المنزع البديع: 182. انظر: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده: 1/185.

([59]) المنزع البديع: 262.

([60]) المنزع البديع: 218.

([61]) التلقي والتأويل مقاربة نسقية: 64.

([62]) انظر على سبيل المثال: المنزع البديع: 183، و195، و201.

([63]) انظر: المنزع البديع: 186، و187، و188، و195، و201.

([64]) المنزع البديع: 183.

([65]) المنزع البديع: 185، و186

([66]) المنزع البديع: 187.

([67]) المنزع البديع: 424.

([68]) المنزع البديع: 363.

([69]) المنزع البديع: 442.

([70]) المنزع البديع: 289.

([71]) المنزع البديع، 290.

([72]) المنزع البديع: 290، و291.

([73]) المنزع البديع: 334.

([74]) المنزع البديع: 245.

([75]) المنزع البديع: 362، و363.

([76]) التلقي والتأويل: 73، و72.

([77]) التلقي والتأويل: 73.

([78]) التلقي والتأويل: 73.

([79]) هناك اختلاف حول طبيعة المنطق باعتباره آلية محايدة صالحة للفكر البشري عامة، أو غير محايدة باعتباره منبثقا عن مرجعية فكرية وتاريخية ولغوية يونانية، يعبر عن الفكر الذي نشأ فيه فقط.

([80]) الفصل: "هو الذي من شأنه أن يفرق بين ما تحت جنس واحد بعينه. وهو ما تختلف أشياء ليست تختلف في الجنس". منطق أرسطو: 3/ 1083.

([81]) شرح السلم للأخضري: 27.

([82]) المستصفى: 1/46.

([83]) المنزع البديع: 183.

([84]) المنزع البديع: 392.

([85]) المنزع البديع: 392.

([86]) المنزع البديع: 393.

([87]) المنزع البديع: 394.

([88]) المنزع البديع: 395.

([89]) منطق أرسطو: 1/32.

([90]) منطق أرسطو: 1/32.

([91]) التلقي والتأويل: 69.

([92]) تجديد المنهج في تقويم التراث: 42.

([93]) المنزع البديع، ص260. وعمود البلاغة عند ابن البناء هو نوع سماه التوضيح. قال عنه:" وهذا النوع هو عمود البلاغة ومادَّة أساليب البديع، وإنما جعلته في التفصيل لأن الله سبحانه وصف كتابه بأنه (بيان للناس) وبأنه تبيان لكل شيء، وتفصيل كل شيء". انظر: الروض: 134.135.

([94]) مائة وتسعون بيتا شعريا، وخمسة وعشرون استشهادا من القرآن الكريم.

([95]) مناهج النقد الأدبي: 578.

([96]) المنزع البديع: 180، و217.

([97]) المنزع البديع: 203.

([98]) المنزع البديع: 274.

([99]) المنزع البديع: 407.

([100]) المنزع البديع، ص501.

([101]) مناهج النقد الأدبي: 624.

([102]) مناهج النقد الأدبي: 624.

([103]) المنزع البديع: 339.340.

([104]) المنزع البديع: 338.

([105]) المصطلحات المعتبرة في هذا التعداد هي الأساليب التي خصها المؤلف بلفظ اصطلاحي وقد بلغ عددها 171 من أصل 189 مصطلحا.

([106]) المنزع البديع: 364.

([107]) المنزع البديع: 364.

([108]) المنزع البديع: 366.