التحليل النحوي وتذليل الصعوبات القرائية لدى المتعلمين

قراءة في قصيدة "لغة القرآن" للشاعر أبي شهاب حمد بن خليفة

د. ربيعة العمراني الإدريسي

جامعة القاضي عياض، المغرب

rabiaelomranielidrissi@gmail.com البريد الإلكتروني:

معرف (أوركيد): 0009-0001-6765-4274

 

 

بحث أصيل

الاستلام:20-3-2023

القبول:25-4-2023

النشر:30-4-2023

 

الملخص:

يروم البحث الكشف عن أهمية التحليل النحوي في تذليل الصعوبات القرائية للنصوص فهما وتحليلا ونقدا؛ لأنه مدخل رئيس لفهم الكلام العربي. وسياج يحمي المعنى من فوضى تحريف الكلام عن مواضعه، وتوضيحا لهذه الأهمية قامت خُطتنا التحليلية على ثلاثة محاور رئيسة هي: القراءة والتعلم مدى الحياة؛ ثم التحليل النحوي والفهم القرائي لنختم المقال بتطبيق على قصيدة "لغة القرآن " للشاعر الإماراتي أبي شهاب حمد بن خليفة: أكدنا من خلاله أن هذا النموذج من قراءة النصوص منهج إلى تحليل الجمل والأبنية الكلية للنص، يتفاعل فيه المعنى الوظيفي والمعجمي والسياق لفك غموض النص وتذليل صعوبات قراءته.

الكلمات المفتاحية:

التحليل النحوي، الصعوبات القرائية، لغة القرآن، أبي شهاب، المعنى الوظيفي، المتعلمون.

 


للاستشهاد/ Atif İçin / For Citation: الإدريسي، ربيعة (2023). التحليل النحوي وتذليل الصعوبات القرائية لدى المتعلمين قراءة في قصيدة "لغة القرآن" للشاعر أبي شهاب حمد بن خليفة. ضاد مجلة لسانيات العربية وآدابها. مج4، ع7، 37- 61 https://www.daadjournal.com/ /

 

 

SYNTACTIC Analysis to Overcome Reading Difficulties for Learners

Reading in the Poem: the Language of Quran, by the Poet Abi Shihab Hamad Ben Khalifa

 

Dr. Rabia Omrani İdrissi

Associate Professor, Cadi Ayyad University, Morocco

E-mail: rabiaelomranielidrissi@gmail.com

 Orcid ID: 0009-0001-6765-4274

 

Published: 30.04.2023

Accepted: 25.04.2023

Received: 20.03.2023

Research Article

 

Abstract:

The research aims to reveal the importance of grammatical analysis in overcoming text reading difficulties, in terms of understanding, analyzing, and criticizing. It is the main key to understanding Arabic speech, and a tool that protects the meaning from distortion. To clarify this importance, our analytical plan was based on three main axes. The first one; is reading and lifelong learning. The second; is grammatical analysis and reading comprehension. The third and the final, is applying syntactic analysis to "the language of the Quran" poem, by the poet Abi Shihab Hamad Ben Khalifa. By this doing, we have confirmed that this model of approaching texts is a key to analyzing sentences and the overall structures of the text, in which the functional and lexical meaning and context interact to decipher the ambiguity of the text and overcome its reading difficulties.

Keywords:

Grammatical analysis, reading difficulties, the language of the Qur’an, Abu Shihab, functional meaning, learners.

 

 

 

تقديم:

  التحليل النحوي مدخل رئيس لفهم الكلام العربي؛ ومنهج متجذر في نسيج الثقافة العربية، لا يكاد يخلو منه فرع من فروعها، مارسه المفسرون والنحويون وشراح الدواوين الشعرية، ويُقصد به: "تمييز العناصر اللفظية للعبارة وتحديد صيغها ووظائفها والعلاقات التركيبية بينها بدلالة المقام والمقال"([1])، وهو بذلك يرصد الخصائص الصرفية للمفردات، وينظر في العلاقات الإعرابية فيما بينها وفي الروابط المحققة للتماسك النصي وتفاعل ذلك وظروفَ الإنتاج، فكيف يسهم هذا التحليل في تذليل الصعوبات القرائية، وخلق القدرة على فهم المقروء واستيعابه؟ مع التطبيق على قصيدة (لغة القرآن) للشاعر الإماراتي أبي شهاب حمد بن خليفة.

1.    القراءة تعلم مدى الحياة:

القراءة نافذة إلى الفكر الإنساني، وقد أكد الإسلام أهميتها أن جعل الأمر بها أول ما أنزل على النبي الكريم، قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)﴾([2]).

 ويقصد بها" تحريك النظر على رموز الكتابة منطوقة بصوت عال أو من غير صوت مع إدراك العقل للمعاني التي ترمز إليها في الحالتين"([3])، وهي عملية فكرية ونشاط ذهني عقليّ، يتم من خلالها التفاعل بين المادة المقروءة والمكتسبات السابقة، وتتجاوز إدراك الرموز المكتوبة وترجمتها إلى أصوات منطوقة نطقًا صحيحًا سليمًا نحو فهم المقروء واستيعابه؛ بمستوياته المختلفة: فهم السطور، فهم ما بين السطور، وفهم ما وراء السطور.

المستوى الأول: فهم السطور) القراءة الحرفية:(

يشمل ما يعرف بملاحظة النص وفهمه ضمن القراءة المنهجية للنصوص؛ حيث نتعرّف على ما ورد في النص، ونكشف عن معناه الإجمالي ونحدد الأفكار الرئيسة والفرعية أي نجيب على سؤال: ماذا قال النص؟

المستوى الثاني: فهم ما بين السطور: القراءة التفسيرية )التحليلية:(

فهم خفي للنص، يتم من خلاله إدراك العلاقات بين عناصره؛ إذ نفسّر ونشرح ونستخلص النتائج، وفيه نجيب على سؤال ماذا قصد الكاتب؟

المستوى الثالث: فهم ما وراء السطور: القراءة الناقدة والإبداعية:

يشمل مهارات في قمة هرم التفكير، كفهم التعريض والتلميحات وبواطن الشعر وخفايا النثر، وإبراز مظاهر القوة والضعف في النص، والحكم على قيمه الفنية والموضوعية، واستثمارها في الحياة اليومية وتوظيفها في العمل الإبداعي: أي أن هذا المستوى من الفهم نجيب فيه على موقفنا وحكمنا على النص (قراءة ناقدة)، وماذا نقترح أو نفعل لو كنّا مكان صاحب النص، وكيف نحلّ مشكلة بالرجوع إلى ما قرأناه (قراءة إبداعية).

هكذا نلاحظ أن القراءة تتجاوز شرح النص وتفسيره إلى التّحليل والتّأويل والنّقد؛ فتصبح فعلا خلاّقا وسفَرا في دُروب متشابكة من الدّلالات.

وإذا كان إتقان المتعلّم لمهارات اللغة الأربع: الاستماع، والمحادثة ثم القراءة والكتابة، من أهم عوامل نجاح العملية التعليمية، فإن تمكنه من مهارة القراءة سيقوده لا محالة إلى إتقان المهارات الأخر، إذ كلما توسع مقروؤه أدّى ذلك إلى إغناء رصيده اللّغوي والمعرفي الذي يساعده على فهم المسموع واستيعابه من جهة، وعلى الكتابة والتّعبير من جهة ثانية؛ لذا كانت القراءةُ أبرزَ أدوات التّعلم" أقرأ لأتعلم".

 والقراءة مهارة رئيسة في النّمو المعرفيّ للمتعلّمين؛ إذ بوساطتها يَكتسبون المعرفةَ ويتعرّفُون على الموروث الثقافيّ للشّعوب، فيزدادون خبرةً وثراء فكريا، ويُشبعون حُبَّ الاستطلاعِ والمتعة لديه.

 وغالبا ما يرتبط الفشلُ التعليميّ بإخفاق في القراءة والكتابة؛ مما استوجب اهتماما كبيرا بإقدار المتعلّمين على إتقان المهارات القرائية  نطقا واستيعابا، خصوصا أن تعلّمهم القراءة اليوم، يمكنهم  من قراءة ما يرغبون فيه غدا، وهذا ما أكده محمد حامد الأحمري "غير أني أظن أن تمكن الطالب من القراءة، وتغلبه على عقدة الفهم في الأعوام الأولى من سني الدراسة، سوف تساعده على الاستمرار في القراءة... وأسرع الطّلاّب تولّعا بالقراءة هم الذين يمتلكون مهارة القراءة مبكّرا، أمّا من تأخّرت قراءتُه فسوف يرى طوال حياته أنّ القراءة همّ وعبء ثقيل"([4]).

ويرى الأحمري أيضا أنه من "الصعب أن تتحول أي ممارسة حياتية إلى عادة، ما لم تتوفر لها هذه الزوايا الثلاث: عمق المعرفة، وإدراك ماهية هذه الممارسة، وتوفر المهارة الحقيقية، والأهم من ذلك وجود هذا الصدى الداخلي العميق الذي يتردد باستمرار (الرغبة)([5]).

 ومعلوم أن المتعة خير مدخل للقراءة، وأن طريق المعرفة يختلف عن طريق المتعة، لكن عادة القراءة قد" تتحول تدريجيا مع الزمن إلى متعة، تختلط فيها خيوط المتعة بخيوط الواجب والمنفعة والتعلم"([6])، فتصبح القراءة رغبة دائمة، وتتوطّد علاقة القارئ بالكتاب الذي يتحوّل إلى خير جليس، يساعده على الاكتشاف وتوسيع قاعدة الفهم، خصوصا أنه: "كلما زادت المعرفة، اتّسعت منطقة المجهول"([7])، كما أنّ تراكمَ المعلومات والتطوّر السّريع والمستمرّ للبحث العلميّ يشعران المتعلم بتقادم ما يمتلك من معارف وتكون القراءة سبيله إلى المواكبة والمتابعة.

 وإذا كانت هذه القراءة داخل المؤسسات التعليمية قراءة موجهة وفق ما تفترضه برامج الدولة ومقرراتها، فإنها خارج غرفة الدراسة وفي التعليم غير الإلزامي قراءة حرّة تسعى إلى إكساب القارئ القدراتِ والمعارفَ اللاّزمة لتطوير ذاته بشكل مستمرّ، ومن هنا تبرز أهميّة إتقان مهارات القراءة واكتساب أدواتها ليستمر التّعلم مدى الحياة، ومن أهم هذه الأدوات علم اللسان الذي عرّفه ابن خلدون بقوله: "أركانه أربعة وهي اللّغة(المعجم) والنّحو والبيان (البلاغة) والأدب، ومعرفتها ضروريّة على أهل الشّريعة... وتتفاوت في التأّكيد بتفاوت مراتبها في التَّوْفِية بمقصود الكلام، حسبما يتبيَّن في الكلام عليها فنّا فنّا، والذي يتحصّل أنَّ الأهمَّ المُقدَّم منها: النّحو، إذ به تتبيَّن أصولُ المقاصد بالدّلالة فيُعرف الفاعلُ من المفعول، والمبتدأُ من الخبر، ولولاه لجُهل أصلُ الإفادة "([8]).

ويرى ابن خلدون أن سرَّ تقديم النحو على اللّغة راجعٌ إلى ما لحق الإعراب من تغيير إذ يقول: "وكان من حقّ علم اللّغة التّقدّم لولا أنّ أكثر الأوضاع باقية في موضوعاتها لم تتغيّر، بخلاف الإعراب الدّالّ على الإسناد والمسند والمسند إليه، فإنّه تغير بالجملة ولم يبق له أثر؛ فلذلك كان علم النّحو أهمَّ من اللّغة إذ في جهله الإخلالُ بالتّفاهم جملة "([9]).

فالنحو سياج يحمي المعنى من فوضى تحريف الكلام عن مواضعه؛ لأن فهم الكلام عن طريق الشرح أو التأويل له خصوصيته العلمية والموضوعية، ولا يمكن أن تتعارض مع المعنى اللغوي للنص الذي لا بد من الانطلاق منه نحو إبداع معان تتشعب عنه وتُعضّده.

2.   التحليل النحوي والفهم القرائي (أو تحصيل المعنى):

1.2. التحليلُ النحويُّ في رسالة سيبويهِ وعلاقتُه بتحصيل المعنى:

ارتبط النحو العربي بالكشف عن معنى النص أو الجملة منذ مراحل تجريد القواعد وتحليلها؛ إذ ضمّن سيبويهِ رسالتَه التي قدّم بها للكتاب سبعةَ أبواب وهي:

1)     هذا باب علم الكَلِم من العربية.

2)      هذا باب مجاري أواخر الكلم من العربية.

3)      هذا باب المسند والمسند إليه.

4)     هذا باب اللّفظ للمعاني.

5)      هذا باب ما يكون في اللّفظ من الأعراض.

6)     هذا باب الاستقامة من الكلام والإحالة.

7)     هذا باب ما يحتمل الشعر([10]).

 شملت هذه الأبواب السبعة الأصول العلمية للنظرية النحوية العربية، وعرضت لـ" أساس الكلمة ومجراها وعلاقاتها، وضوابط اللفظ بالمعنى فيها، وتحرُّك المقصد وارتباطه بهذا كلّه" ([11])، موظفة المكوِّنَ الصَّرفيَّ والتّركيبيَّ والدّلاليَّ مع مراعاة السياق لتأكيد العلاقة المتينة بين النحو وتحصيل المعنى، وهذا ما سنحاول استجلاءه انطلاقا من الباب السادس إذ  يقول سيبويهِ: "هذا باب الاستقامة من الكلام والإحالة، فمنه ‌مستقيم ‌حسنٌ، ‌ومحال، ‌ومستقيم ‌كذب، ومستقيم قبيح، وما هو محال كذب"([12]).

الكلام المستقيم: لم يعرفه سيبويه واكتفى بعرض أقسامه وهي:

                                     - المستقيم الحسن: استغنى عن تعريفه بالتّمثيل له بمثالين:

              أ) أتيتُكَ أمْسِ.

             ب) وسآتيك غدًا.

 في العبارتين لم يحدث تصادم بين الوظائف النحوية في علاقتها مع دلالة المفردات التي شغلتها، فالفاعل وهو المتكلم قادر على الإتيان المعبَّر عنه بصيغة الماضي: "أتى"، وهو مُمكنُ الوقوع على المفعول به " كاف الخطابوظرف الزّمان "أمس" تتناسب دلالته مع مُضِيِّ الفعل، ووضع كل عنصر من عناصر الجملة الوضع الذي يقتضيه نظام اللغة.

                           -           المستقيم القبيح: عرّفه سيبويهِ بقوله:" وأما المستقيم القبيح فأنْ تضع اللفظ في غير موضعه"([13])، ومثّل له بمثالين أيضا:

           ج) قد زيدا رأيتُ.

            د) كي زيدٌ يأتيك.

في المثالين أيضا لم يحدث تصادم بين الوظائف النحوية في علاقتها مع دلالة المفردات التي شغلتها، فالرُّؤية ممكنة للمتكلم وممكنة الوقوع على زيد، والإتيان ممكن من زيد، وهو ممكن الوقوع على المخاطب "كاف الخطابغير أن بعض مكونات الجملتين لم توضع الموضع الصحيح الذي يقتضيه نظام اللغة، إذ لا تقبل" كي" و"قد" أن يليهما الاسم، وهذا ما عبَّر عنه أبو حياّن الأندلسي بقوله:" والفصل بالمعمول بين قد والفعل قبيح نحو: قد زيدًا رأيت، قال سيبويه: وهو مستقيم قبيح: يعني أنه مستقيم في المعنى قبيح في التركيب"([14])، فالخلل الذي اعترى التركيب النحوي، لم يسبب فساد المعنى، فوصف الكلام بالمستقيم القبيح.

                           -           المستقيم الكذب:

              هـ): حَمَلتُ الجبلَ

               و): شربت ماء البحر

الجملتان ليستا من المحال؛ لأنه لا تناقض بين عناصرهما- كما سنرى لاحقا ([15])، ولهما معنى نستطيع الحكم عليه بالصدق والكذب، وسيبويه حكم على جملة (حملت الجبل) بأنها من المستقيم الكذب؛ لأنه ينظر إلى كلمة «الجبل» في مدلولها الأوّلي أي معناها الحقيقي، إذ من المحتمل في سياق خاصّ أن يكون المقصود بها معنى مجازيا، كأن نُشبِّه شيئا ثقيلا بالجبل في صعوبة النهوض به، ويكون وجه الشبه المشقة والعناء، وحينئذ تكون العلاقة بين الفعل (حمل) والمفعول (الجبل) ممكنةً لا على سبيل الحقيقة؛ بل على سبيل المجاز، وتصبح الجملة من الكلام المستقيم الحسن.

فسیبویه لم يتحدث هنا عن كسر قانون اختيار المفردات؛ وبالتّالي انتقال الكلام من الحقيقة إلى المجاز؛ ولهذا فإن نظريّته عن (المعنی النّحويّ الدّلاليّ) تكتمل جوانبها إذا ضممنا لهذا النص السالف ما يقوله سيبويهِ نفسُه عما يُسمّيه اتساعَ الكلام، وهو مصطلح يتردّد كثيرا في الكتاب ويمثّل له سيبويه بأمثلة مختلفة يُفهم منها أنّ هذا المصطلح له مدلول واسع"([16]).

ويمكن القول إن سيبويه قسّم الكلام المفيد إلى مستقیم حسن وهو ما يقابل مستوى الحقيقة اللغوية، ومستقیم کذب، وهو ما يقابل مستوى المجاز اللغوي أو الاتّساع کما اصطلح على ذلك في كتابه.

الكلام المحال: ويشمل:

                 - المحال:

 عرّفه سيبويه بقوله: "وأما المحال فأن تنقض أول كلامك بآخره"([17])، ومثل له بمثالين:

            ز) أتيتك غدًا

            ح) وسآتيك أمس.

وحدَّه أبو الحسن الأخفش بقوله" وأما المحال فهو ما لا يصح له معنى، ولا يجوز أن تقول فيه صدق ولا كذب؛ لأنه ليس له معنى، ألا ترى أنك إذا قلت: أتيتك غدا لم يكن للكلام معنى فيه صدق ولا كذب"([18]).

الإحالة في المثالين السابقين ناتجة عن نقض آخر الكلام لأوّله، حيث اختير ظرفُ الزمان وهو "غدا" الدالّ على المستقبل مع الفعل "أتی": المفيد للماضي وتحقّق الفعل، وعكس ذلك يقال في سوف آتيك أمسِ، إذ يفيد الفعل المستقبلَ، بينما يدلّ الظرف على الماضي.

 فأمثلة سيبويه تؤكّد أن النّظام النحويَّ ليس "نظاما معدّا للكلمات الهرائية أو للفراغ؛ ولكنه معدّ لأن تتحقق في علاقاته المفردات الملائمة بدلالاتها الأوّليّة التي تتفاعل مع الوظائف النّحوية تفاعلا يكسبها معناها المناسب ويتحقّق به المعنى النحويُّ الدّلاليّ"([19])؛ ولذلك كان انتقاء المفردات المناسبة لا يقل أهمية عن مراعاة القواعد التركيبية.

 والحكم على جملة "أتيتك غدا" بالإحالة يؤكد أن سيبويه قد عوّل على المعنى "بأنواعه المختلفة، فجعله موجها الدرس النحوي، وفيصلا في الحكم على التراكيب، ولم يقف في دراسته النحو العربي عند حدود الإعراب وتحديد المعاني النحوية فحسب"([20])، فمن غير المستساغ إعراب الجملة لأنها محالة أصلا.

وتمييز سيبويه بين المستقيم الكذب والمحال يجعلنا نستنتج "أن كسر قانون اختيار المفردات على ضربين، أولهما: تكون الجملة معه صحيحة نحويّا ودلالياّ، وينتقل مستوى الكلام من الحقيقة إلى المجاز، وثانيهما: لا تكون الجملة معه صحيحة دلاليا ومن هنا لا تصحُّ نحويّا، حيث إن الصّحّة النحوية ليست مجرّدة، أو تتمّ في فراغ - وتخرج عن أن تكون ذات دلالة مفيدة أصلا"([21])

                 - المحال الكذب: ومثّل له سيبويه بقوله:

  ط) سوف أشربُ ماءَ البحرِ أمسِ.

هذا النوع من الكلام جمع بين مفهومي (الكذب) والمحال أي "بين المجاز كما في النموذجين (هـ) و (و) والنقض الذي يؤدي إلى الإحالة كما في المثالين: (ز) و (ح).

وتحليل أمثلة سيبويه هذه يؤكد أن للتحليل النحوي عناصرَ رئيسة نقارب بها المقروء.

2.2. عناصر التحليل النحوي (أنواع المعنى)

بعد قراءة نصوص سيبويه وتأمُّلِها، تتَّضح العناصر التي اعتمدها في تحليل التعابير العربية وهي: المفردات أو المعنى المعجمي، والصيغ الصرفية والنحوية أو المعنى النحوي الوظيفي، ثم السياق اللغوي الذي يسمح بانتقاء معنى معيّن دون غيره على مستوى المفردات أو التراكيب، ويُوضِّح العلاقة بين هذه العناصر من حيث الحقيقةُ والمجازُ، "وذلك أنّه لو اخْتِيرت المفردات دون کسر للسّمات الانتقائيّة لَكان معنى الكلام على جهة الحقيقة، أمّا إذا كُسر قانون اختيار السِّمات الانتقائيَّة بين المفردات، فجاءت لا تآلف بينها في الواقع - انتقل الكلام إلى مستوى المجاز([22]).

وهذا النوع من تحليل التراكيب يصطلح عليه التحليل النحوي، وهو"المدخل الأهم ليس لفهم الشعر فقط أو القرآن الكريم فحسب؛ بل إنما هو المدخل الأهم لفهم كل كلام مصقول ابتداء من المعلقات، وانتهاء بآخر كلام يدور به آخر لسان ناطق بهذه العربية الشريفة"([23])، وهو مصطلح حديث العهد وإن كان مفهومه حاضرا عند القدامى"([24])، يدرس عناصر النظام التركيبي ويكشف عن بنيتها الصرفية وعلاقاتها الإعرابية، حيث التفاعل بين المعنى المعجمي والوظيفي والسياق.

1.2.2 المعنى المعجمي:

 يقصد به معنى الكلمة الوارد في المعاجم، وأحيانا قد تحمل الكلمة معاني متعددة، ويكون السّياق حاسما في انتقاء معنى واستبعاد آخر، والمعنى المعجميُّ عنصر رئيس في أي تركيب أو تعليق في الكلام، فلا نظم ولا ترتيب دون تحصيله، يقول الجرجاني: "ليس الغرض بنظم الكلم، أن توالت ألفاظها في النطق بل أن تناسقت دلالتها، وتلاقت معانيها، على الوجه الذي اقتضاه العقل، وكيف يتصور أن يقصد به إلى توال في النّطق، بعد أن ثبت أنّه نظم يعتبر فيه حال المنظوم بعضه مع بعض وأنه نظير الصّياغة والتّحبير والتفويف والنّقش"([25])،  ويضيف "... لا يتصور أن تعرف لِلفظ موضعا، من غير أن تعرف معناه، ولا أن تتوخى في الألفاظ من حيث هي ألفاظ ترتيبا ونظما، وأنك تتوخّى الترتيب في المعاني وتعمل الفكر هناك، فإذا تم لك ذلك أتبعتها الألفاظ وقفَوْت بها آثارها" ([26])، وقد وضّح سيبويهِ كيف يمكن لدلالة اللفظ المعجمية أن تؤثر في تعدّي الفعل إلى مفعولين أو اكتفائه بمفعول واحد، وممّا مثّل به فعل "دعا" الذي يرد بمعنى "سمّى" فيتعدى إلى مفعولين، بينما يكتفي الدال على الدعاء بمفعول واحد؛ إذ يقول: "ودعوته زيدًا إذا أردت دعوته التي تجري مجرى سمّيته، وإن عنيت الدعاء إلى أمر لم يجاوز مفعولا واحدًا" [27]).

وهذا ابن هشام يؤكد أن أول واجب على المعرب: "أن يفهم معنى ما يعربه مفردا أو مركّبا ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السور على القول بأنها من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه"([28])، وقد مثّل ببيت المُرَقَّش الأكبر [من السريع]

لا يُبْعِدِ الله التلَبُّبَ والـ

-      


-        

غاراتِ إذ قال الخَمِيسُ نَعَمْ



-      


حيث أعرب أحد الشيوخ كلمة (نعم) حرف جواب، فأضاع موطن الشاهد، والصّواب أن (نعم) هنا يقصد بها الإبل وهي موطن الشاهد، وتعرب خبرا لمبتدأ محذوف، والتلبب: لبس السلاح، والخميس: الجيش.

2.2.2      المعنى الوظيفي وتفاعله مع المعجم والسياق:

يرتبط المعنى الوظيفي ارتباطا قويا بظاهرة الإعراب في اللغة العربية، وتدل عليه الحركات، وهو المقصود بالمعاني في قول أبي القاسم الزجاجي:" إن الأسماء لما كانت تعتورها المعاني، فتكون فاعلة ومفعولة، ومضافة، ومضافًا إليها، ولم تكن في صورها وأبنيّتها أدلة على هذه المعاني؛ بل كانت مشتركة، جُعلت حركات الإعراب فيها تُنبئ عن هذه المعاني"([29]).

والكلمة تكتسب معناها الوظيفي حسب موقعها في الجملة ووضعها في علاقة مخصوصة مع بقية الكلمات بتفاعل مع المعنى المعجمي للمفردات "والتلاحمُ بين المفردات ووظائفها النحوية في الجملة تفاعلٌ عقلي صوتي في وقت واحد، وبعبارة أخرى، هو تفاعل دلاليّ نحويّ معا، لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، لأنّ المفردات من غير نظام نحويّ يحكمها ويربط ما بينها، لا يتأتى لها اجتماع إلا في التنظيم المعجميّ فحسب... والنّظام النحويُّ من غير مفردات - تقوم به وتُحقّقُ وجودَه العقلي- وعاء فارغ ولا يقوم إلا في عقول أبناء اللّغة، ولا يجد سبيلا لتحققه إلّا في الجمل التي ينطق بها أبناء اللغة أو يكتبونها، وبينهم اتّفاق جماعي عليها"([30])، وتحديد المعنى بتفاعل النّظامين المعجميّ والنحويّ لا يتمّ دون مراعاة للسياق أي القرائن المقاليّة والمقاميّة التي تحدد أغراض الكلام ومقاصده؛ لأنّ مَن لم يفقه ملابسات الكلام وسياق إنتاجه، يصعب عليه إدراك معانيه؛ "والاختيار بين جداول المفردات، أو مجموعاتها المصنّفة في العقل الإنسانيّ تصنيفا دلاليّا مُعيّنا، وجداول النظام النّحويّ أو مجموعاته بتنوعها المحدود المحصور، هو الذي ينتج جملا صحيحة نحويّا ودلاليا"([31])، فإذا كان الاختيار يحترم السمات الانتقائية لكل مفردة حصّلنا المعنى الحقيقي، وإذا كُسرت قواعد السّمات الانتقائية انتقلنا إلى التعبير المجازي وهو ما عبّر عنه سيبويه بالاتّساع؛ وبذلك يتّضح أن المجاز من صميم النظرية النحوية، غير أن أكثر النحاة لم يولوه اهتماما، واقتصروا على دراسة الجانب التجريدي للغة (القواعد)، وعدّوا بَيان المجاز من اختصاص البلاغيين.

والملاحظ أن المؤلّفات النّحويّة الأولى الأصيلة كالكتاب لسيبويه قد جمعت بين القاعدة والتّقعيد (طرق صياغة القواعد)، فضمت المعاني المعجمية والنحوية الدلالية مع مراعاة السياق؛ بينما اكتفت مؤلّفات متأخري النّحاة- كألفيّة ابن مالك على قيمتها العلميّة والتّعليميّة- بعرض القاعدة النّحويّة، ولا يمكنها أن تذكر المعاني المعجمية والمعاني الدلالية لأن القاعدة تجريد لاستعمال، والتجريد معناه الوصول إلى ما يجمع مختلف النّظائر في استعمالات متعدّدة، فاعتُقِد خطأ أن وظيفة النحو العربي تقتصر على دراسة أواخر الكلمات؛ بل إن فقه الحركة  الإعرابية عنصر رئيس في فهم  الخطاب، وفيما يأتي توضيح لذلك:

       ك) قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۙ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾([32]).

     ل) وقال أيضا: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۚ قَالُوا خَيْرًا﴾([33]).

ففي الآيتين الكريمتين سؤال بصيغة واحدة وهو: ﴿ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ موجه مرة إلى الذين لا يؤمنون بالآخرة، ومرة أخرى إلى الذين اتّقوا، لكنّ الحركة الإعرابيّة في الجواب تختلف، فالمتقون أجابوا‌﴿خيرا﴾ وقد نصبت الكلمة؛ لأنها مفعول به لفعل محذوف إذ التقدير "أنزل ربنا خيرا" أما المنكرون لإنزال الوحي فكأنهم قالوا لم ينزل الله شيئا هي مجرد أساطير الأولين، فرفعوا كلمة أساطير لأنها خبر لمبتدأ محذوف. 

 وقد رصد أبو القاسم الزجاجي ثلاث مهارات رئيسة تستفاد من تعلم علم النحو وهي: التكلم بكلام العرب، والقراءة الصحيحة لكتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام والإبداع الشعري([34])، ولا شك أن التحليل النحوي سيكون له أثر كبير في تذليل الصعوبات القرائية للإبداع الشعري وفك غموضه وتحصيل الفهم القرائي، وذاك ما سنحاول توضيحه بتطبيقات على قصيدة لغة القرآن للشاعر الإماراتي أبي شهاب حمد بن خليفة.

3.   ملامح من التحليل النحوي وتذليل الصعوبات القرائية لقصيدة: (لغة القرآن) لأبي شهاب حمد بن خليفة.

يقول الشاعر:

لُغَــةَ الْقُــرْآنِ يـا شَـمْـسَ الْهُـدَى

 

صَـانَـكِ الْرَّحْـمَـنُ مِـنْ كَـيْدِ الْعِدَى

هَــلْ عَــلَى وَجْـهِ الثَّـرَى مِـنْ لُغَـةٍ

 

 

 

أَحْـدَثَـتْ فِـي مَـسْـمَـعِ الدَّهْـرِ صَـدَى
 

 

مِــثْــلَمَــا أَحْــدَثْــتِــهِ فِــي عَــالَمٍ

 

 

عَــنْــكِ لَا يَــعْـلَمُ شَـيْـئًا أَبَـدًا

 

فَـــتَـــعَـــاطَـــاكِ فَــأَمْــسَــى عـَـالمِا

 

بِـــكِ أَفْـــتَــى وَتَــغَــنَّــى وَحَــدَا
 

 

بِــكِ نَـحْـنُ الْأُمَّـةُ الْمُـثْـلَى الَّتِـي

 

 

تُـوجِـزُ الْقَـوْلَ وَتُـزْجِـي الْجَـيِّدَا
 

 

بَــيْــنَ طَــيَّــاتِــكِ أَغْــلَى جَــوْهَــرٍ

 

 

غَـرَّدَ الشَّـادِي بِـهَـا وَانْـتَـضَدَا

 

نَـحْـنُ عَـلَّمْـنَا بِكِ النَّاسَ الْهُدَى

 

 

وَبِـكِ اخْـتَرْنَا الْبَيَانَ الْمُفْرَدَا

 

وَزَرَعْـــنَـــا بِـــكِ مَـــجـْـدًا خـَـالِدًا

 

 

يَــتَــحـَـدَّى الشَّـامِـخَـاتِ الْخُـلَّدَا

 

لُغـَـــةٌ قَــــدْ أَنْـــزَلَ اللهُ بِـــهَا

 

 

بَـــيِّـــنَـــاتٍ مِـــنْ لَدُنْـــهُ وَهُـــدَى

 

وَالْقَــرِيــضُ الُعَــذْبُ لَوْلَاهَــا لَمَا

 

 

نَـغَّـمَ الْمُـدْلِجُ بِـاللَّيْلِ الْحُدَا

 

كُــنْــتُ أَخْـشَـى مِـنْ شَـبَـا أَعْـدَائِهَا

 

 

وَعَلَيْهَا الْيَوْمَ لَا أَخْشَى الْعِدَى

 

إِنَّـــمَـــا أَخـْـشـَـى شَــبَــا جُهَّــالِهَا

 

 

مَـنْ رَعَـى الْغَـيَّ وَخَـلَّى الْمُرْشِدَا

 

هَـذِهَ الْفُـصْـحَـى الَّتِـي نَـشْـدُو بِـهَا

 

 

وَنُــحَـيِــّي مَـنْ بِـشَـجْـوَاهَـا شَـدَا

 

هِــيَ رُوحُ الْعُــرْبِ مَــنْ يَــحْــفَــظُــهَا

 

 

حَــفِــظَ الرُّوحَ بِـهَـا وَالْجَـسَـدَا

 

1.3 التعريف بصاحب النص:

شاعر إماراتي من مواليد عام 1936م، اهتم بتعلم النحو والفقه، وبحفظ الشعر وقراءته في المجالس، ثم خاض غمار نظمه في سن مبكّرة، فبرع في القصيدة العمودية في الشعرين النبطي ولفصيح، كما اعتنى بتاريخ دولة الامارات العربية المتحدة وبتوثيق تراثها، تقلّد مناصب هامّة إذ كان مديرا لمكتب وزارة الإعلام في الإمارات الشمالية بين 1972م و1976م، كما عين وزيرا مفوضا بوزارة الخارجية عام 1978م، توفي سنة 2002م.

له العديد من القصائد التي تفاعلت مع ظروف الأمّة العربية الإسلامية منها "أثر النكسة 1967"و"رثاء جمال عبد الناصر"، ومن قصائده الدينية: "سبحانك" و"هو الدّين"، ومن شعره حول العروبة والعربية: "إن العروبة بالإسلام عِزّتها"، "لبّيْك يا منقذ الفصحى" ثم "لغة القرآن".

2.3 المقطع الأول (الأبيات: 1-8):

اعتمدت أسلوب الالتفات مؤشرا في تقسيم النص إلى مقطعين: يستولي على الأوّل منهما ضمير المخاطب(10مرات)، وينوب عنه ضمير الغائب (10) في المقطع الثاني وكلاهما محيل على اللغة العربية موضوع القصيدة، وهذا التقطيع فقط عمل إجرائي لتسهيل القراءة وإلا فالنص كل متداخل العناصر يصعب فصل بعضه عن بعض.

المعنى المعجمي:

-الكيد: مضرة الغير خفية، الحيلة السيئة، الخدعة والمكر.

-  الحداء: سَوْقُ الإِبِل والغِناء لها لحثها على السير.

-  الشادي: الْمُغنِّي.

- الجوهر من الأحجار: النفيس الذي تُتَّخذ منه الفصُوص ونحوها.

الصيغ الصرفية والنحوية وحروف المعاني:

-     العنوان:" لغة القرآن" مركب إضافي تكوّن من نكرة "لغة" أضيفت إلى معرف ب "أل"  فاكتسبت تعريفا، و"لغة" خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذه لغةُ القرآن.

-     يستولي ضمير المخاطب على ذروة القصيدة بالفقرة الأولى(10مرات)، ويليه في التردد ضمير المتكلم الجمع(6مرات) مؤكدا علاقة الترابط القوية بين اللغة العربية والأنا "الجماعية" للشاعر.

-     وردت كلمة "لغةَ" ضمن المركب الإضافي "لغةَ القرآن" بالبيت الأول في مستهل الكلام منصوبة، وسبب ذلك أنها منادى (مضاف) وحرف النداء محذوف، للدلالة على قرب اللغة من الشاعر؛ وكأنه يريد أن يهمس في أذن اللغة دون أن يسمعه أحد، خصوصا أنه يرغب في الدعاء لها بالصون والحفظ من العدى.

-     وقع كسر في قواعد الاختيار في "شمس الهدى" إذ شبه الشاعر اللغة بالشمس ووجه الشبه بينهما النور والإضاءة، وقيد اللفظ بالإضافة إلى "الهدى" للدّلالة على أن اللّغة العربيّة مصدر الهدى؛ لأنه بوساطتها بلّغ الإسلام الذي أخرج النّاس من الظلمات إلى النّور، وهذا ما أكّده البيتان: السابع والتاسع "علّمنا بك الهدى" و" قد أنزل الله بها بينات من لدنه وهُدى".

-      المفردة التي شغلت وظيفة المنادى في العبارتين "لغةَ القرآن" " يا شمس الهدى"، ملئت بمادة معجمية من سماتها الانتقائية الدلالية أنها (-حي)، أي لا تسمع النداء على جهة الحقيقة، فيكون الغرض من مناداتها التخصيص والإقبال عليها بالخطاب.

-       تحتمل جملة "صانك الرحمن" الإخبار والإنشاء(الدعاء)، ونرجّح المعنى الأخير، إذ يدعو الشاعر -من خلالها- اللهَ أن يحفظ العربية، وقيّد الفعل بالجار والمجرور "مِن كيد العِدى"؛ لأنّ أكثر ما يخشى الشاعر على العربية كيد الأعداء، وسنرى هل سيظل أعداء العربية هم مصدر الخوف عليها في نهاية القصيدة؟

-     قيّد الشاعر جملة "هل على وجه الثّرى من لغة" بحرف يوحي بالاستفهام، لكنه خرج عن معناه الحقيقي ليفيد النفي، ف"هل" هنا بمعنى "ما" النافية، وأتى بمبتدأ نكرة " لغة" سبق بحرف جر زائد يفيد التأكيد والاستغراق؛ إذ المعنى لا لغة على وجه الأرض فعلت ما فعلته اللغة العربية من صدى في مسمع الدهر؛ إذ حوّلت مكتسبها إلى عالم جديد في المجالات الدينيّة والأدبيّة والاجتماعيّة: "أفتى" و"تغنّى" و"حداوقد أسند اسم المكان "مسمع" إلى الدهر، للدّلالة على مدى تأثره بصدى اللغة العربية.

-     تتابعت الأفعال الماضية: (أحدثتِ، فتعاطاكِ، فأمسى عالما، بكِ أفتى وتغنّى وشدا)، لتصل إلى نتيجة سريعة تظهر أثر العربية على مكتسبيها، وعطف بين "أمسى" و"تعاطى" بحرف العطف الفاء الذي يدل أصلا على الترتيب مع التعقيب، وقد يفيد السببية إذا كان المعطوف جملة كما هو الشأن هنا "لا يعلم شيئا... فتعاطاك فأمسى عالما"، فتعاطي اللغة كان سببا في أن يصبح مكتسبها عالما يفتي ويغنّي ويحدو بعد أن كان لا يعلم شيئا. 

-      تكرر الجار والمجرور "بك" أو "بها" في النص (7مرات)، والضميران يحيلان على اللغة العربية، وإذا علمنا أن الباء من معانيها الإلصاق والاستعانة، اكتشفنا كيف كانت اللغة العربية أداة رئيسة في عدد من الأفعال الصادرة عن الأنا الجماعية للشاعر، وممّا يؤكد ذلك لجوؤه إلى ظاهرة التقديم، وفي هذا يقول سيبويه:" كأنّهم إنَّما يقدّمون الذي بيانه أهم لهم وهم ببيانه أغنى، وإن كانا جميعًا يُهِمّانِهم ويَعْنِيانهم"([35])،  وقد قدّم الشاعر الجار والمجرور تارة على فعله أو متعلقه: "بك أفتى وتغنى وحدا" "بك نحن الأمة الفضلى"، وتارة أخرى على معمول الفعل:" نحن علّمنا بك الناس الهدى"، "وزرعنا بك مجدا خالدا"، ليؤكد أن أفضلية الأمة، وبلاغتها وأدبها ودعوتها الناس وبيانها ومجدها الخالد يعود فيه الفضل إلى لغة القرآن.

-     اسم التفضيل "المثلى" في عبارة "نحن الأمة المثلى" رغم أنه يعرب نعتا فهو  عنصر رئيس في التركيب  لا يمكن الاستغناء عنه، "فرُب اسم لا يحسن عليه عندهم السكوت حتى يصفوه، وحتى يصير وصفُه عندهم كأنه به يتم الاسم"([36])، و قد اختار الشاعر الجملة الاسمية لتأكيد ثبوت الخبر للمسند إليه، كما فضّل تعريف المسند الدّال على "قصر المسند على المسند إليه لقصد المبالغة"([37])، فالشاعر يحصر صفة "الأمّة المُثلى" في العرب، والغرض الدّلالة على الحصر والمبالغة التي يقتضيها الفخر بالذات الجماعية؛ لأنّه في صورة التّنكير نستطيع أن نعطف فتقول: نحن أمة مثلى وأنتم، ولا يجوز ذلك مع التعريف، فلا يستساغ  نحن الأمة المثلى وأنتم، كما يمكن الإتيان بضمير الفصل  فيقال: نحن هم الأمة المثلى([38]).

-     " نحن الأمة المثلى التي توجز القول وتزجي الجيدا ": يعرب الاسم الموصول نعتا، لكن لم يتم به المعنى وهذا المقصود بالشبه الافتقاري للحرف، فهو يحتاج إلى صلة الموصول التي تكسبه معناه ودلاته، ولا يكون لها محل من الإعراب لأنها لا تؤول إلى مفرد إلا مع الموصول، فتقدير الجملة نحن الأمة المثلى الموجزة القول والمزجية الجيّد، وقد اعتمد الوصف أفعالا مضارعة للدلالة على تكررها وتجددها، فهي سمة مميزة للأمة في الماضي والحاضر والمستقل.

-      شبه الجملة من الظرف "بين طياتك أغلى جوهر": متعلق بمحذوف خبر مقدم، أغلى: اسم تفضيل وهي مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر، والغرض من تقديم الخبر هو الحصر، فأغلى الدرر أي الألفاظ العذبة النفيسة إنما تحتويها اللغة العربية، وفي البيت تناص مع قول أحمد شوقي:

أَنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ

-      


-        

فَهَلْ سَأَلُـوا الغَـوَّاصَ عَـنْ صَدَفَاتـي

-      


-     وقع كسر لقواعد الاختيار في عبارة "وزرعنا بك مجدا خالدا" لأن فعل "زرع" يتطلب مفعولا قابلا للزرع كالحبوب، وهو ما لا يتحقق في المجد، وبذلك دخلت المفردة في علاقات نحويّة مع مفردات لا تقبل ذلك في الواقع، وانتقل المعنى من الحقيقة إلى المجاز، وكأنّ المجد نما وتكاثر فتثبّت وترسّخ في الأمة العربية كما تثبت النّبتة وتنمو في الأرض وتمتدّ جذورها،  وقد وصف هذا المجد ب"خالدا" وهو في الأصل اسم فاعل، لكن  المادة المعجمية التي ملئت بها الصيغة جعلت منه صفة مشبهة دالة على الثبوت، فصار يصعب نقله من مكانه كما يتعذر زحزحة الجبال التي أمكنه تحدّيها، وقد استغنى الشاعر عن الجبال وعوضها ب "الشامخات"، حيث حذف الموصوف و" أقيمت صفته مقامه، لكونها صالحة لمباشرة ما كان المنعوت مباشره"([39])، وقد جاءت لصفة على صيغة جمع تأنيث؛ لأن الموصوف جمع لغير العاقل؛ لذا جاز نعته بجمع التكسير أيضا" خُلَّد" ومفرده: خالد.

-     بالنص مجموعة من صيغ الصفة المشبهة سواء منها ما كان أصله اسم فاعل "عالم، شاد، خالد، شامخات، خلد" أو اسم مفعول" المفرد"، أو من الثلاثي الذي ليس على وزن فاعل "جيد"، وكذا صيغ التفضيل" المثلى، أغلى، والغرض منها تأكيد   أفضلية الأمة المرتبطة باللغة العربية

2.3: المقطع الثاني:(9-14).

المعجم:

-      شَجاهُ الغِناءُ: إذا هَيَّج أَحزانَه وشَوَّقَه وقيل شَجَانِي: طَرَّبَني وهَيَّجَني.

-      شبا: شَباةُ كلِّ شيء: حَدُّ طَرَفِهِ؛ شَبَاة السَّيف. وشَباة العَقْرَب: إبْرَتها.

-      الغي: الضلال وهو ضد الرشد والهداية. 

الصيغ الصرفية والنحوية وحروف المعاني:

-      إن الضمير المحيل على اللغة العربية محور القصيدة، في هذا المقطع هو ضمير الغائب" بها"،" لولاها"، "أعدائها"، "وعليها"،"جهالها"، "نشدو بها"، "بشجواها"، "هي روح العرب"، "يحفظها"، "بها". 

-      استهل المقطع بخبر لمبتدأ محذوف" لغة قد أنزل الله بها بينات من لدنه وهدى"، إذ التقدير هذه أو هي لغةٌ، وقد وصفت اللغة بجملة فعلية، " سبق فعلها" أُنزٍل" بحرف "قد" ليفيد التحقق من وقوع الفعل، ومفعوله "بينات" عطف عليه اسم "هدىوكلها نكرات، للدلالة على التعظيم؛ لأن الشاعر يعني "لغة" و"بينات" و"هدى" ليست كاللغات والبينات و"الهدى" التي يعرفها الناس، بل هي جنس من نوع آخر بلغت مبلغا لا يحاط به.

-      يتردد الاسم" مَن" في هذا المقطع ثلاث مرات، وهو كما نعلم يحتمل أن يكون موصولا أواسم  استفهام أو شرط: ودلالته على الموصولية واضحة في البيتين الثاني عشر والثالث عشر "مَن رعى الغي" و" مَن بشجواها شدا" ؛ وهو اسم  موصول مشترك بعده جملة الصلة، يحمل من المعاني ما لا يمكن التعبير عنه بوسيلة أخرى، إذ يتسع لكثير من أحوال المعرف، عكس الاسم الموصول الخاص: "الذي" "التي" أو الضّمير والعلم التي تدل على فرد معين، فالشاعر يحيّي كل من يشدو بالعربية فلا يحدّد عَلما معيّنا ولا اسْما خاصّا؛ بل يكفي أن يكون عربيَّ اللسان يتغنَّى بالعربية؛ لأنها ليست خاصة بقوم أو عرق مُعيّن.

-       في البيت الأخير من القصيدة، و"من يحفظها حفظ" الالتباس بين دلالة الشرط والموصولية واضح، لكن الجانب الإيقاعي([40]) يحسم أن فعل: يحفظُها" مرفوع (لأن النص في بحر الرمل: فعلاتن فاعلاتن فعلن)، وبالتالي لا يمكن ل"مَن" أن تكون شرطية بل  هي موصولة متضمنة لمعنى الشرط، والمقصود: الذي يحفظ اللغة العربية فإنه يحفظ  بها الروحَ: رمزَ الفكرِ والحضارةِ والهوية، والجسدَ رمزَ الاستمرارِ والوجود الطبيعي، وقد ورد الخبر جملة فعلية فعلها ماض للتأكيد على حصول الفعل.

-      يشير البيت الحادي عشر إلى التحول الذي عرفه موقف الشاعر بخصوص القلق على اللغة العربية، إذ لم يعد يخشى عليها من كيد الأعداء، وصار ذاك من الزمن الماضي، دلّ عليه وجود فعل ناقص "كنت أخشى من شبا أعدائها" الذي قيّد الجملة فتحوّلت  للدلالة على الماضي، وهذه إمكانية أخرى للتعبير عن الزّمن في اللغة العربيّة، بل صار يحصر الخوف عليها فيمن  يجهلون قيمتها  "إنما أخشى شبا جهالها"، فاستبدلوا بها لغات أخرى، وكان فعلهم هذا  كمن اشترى الضلالة بالهدى، خصوصا أنها لغة الهدى، وبها أنزل القرآن، وبها بُلِّغ للناس.

-      لجأ الشاعر في البيتين الأخيرين إلى عنصرين من عناصر الإحالة وهما اسم الإشارة "هذه" والضمير المنفصل" هي" ليشير  إلى لغة القرآن المتحدث عنها  منذ بداية القصيدة ؛ بل منذ عنوانها، وليؤكد الانسجام  النصي الذي تضافرت صوره الفرعية المتسقة رغم ما يبدو عليها من اختلاف ظاهري، لتخلق صورة كلية عن اللغة العربية الفصحى، وهذا يؤكد أن ما نقوم به من تجزيء للنص إلى وحدات أو إلى مستويات: المعجم، الصيغ الصرفية والنحوية وحروف المعاني إنما هي "محاولة لتعرف هذه الجوانب مُفصّلة، بحيث يعاد جمعها من جديد لتقدّم صورة واضحة كاشفة للنص المدروس"([41]).

خاتمة:

 هكذا يتّضح أن النّحو العربي لم ينضج ولم يحترق، وهو قادر على تجاوز منطقة "الصواب والخطأ" لينفذ منها إلى البحث في أسرار التراكيب، ممّا يؤكد قدرته على فهم النص وكشف معناه الذي يعد أهم أهداف القراءة، وهذا المعنى الوظيفي الذي يكشف عنه النحو يتضافر مع المعنى المعجمي والسياق ليقدم دلالة النص ومقاصد مؤلفه وبذلك يسهم في تذليل الصعوبات القرائية.

 

                                       


 

المصادر والمراجع

التحليل النحوي: تعريفه وطبيعته، محمود الجاسم، مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية، العدد: العشرون (1421/ 2001).

ارتشاف الضرب من لسان العرب، أبو حيان الأندلسي، مكتبة الخانجي، القاهرة، (ط1)، 1418 هـ / 1998 م.

أصول التحليل النحوي لآيات القرآن الكريم: الاحتياط من تفكيك نظم القرآن نموذجا، محمد عبد الفتاح الخطيب، مجلة جامعة طيبة للآداب والعلوم الإنسانية، العدد: 12، السنة:6.

الإيضاح في علل النحو، بو القاسم الزجاجي، المحقق: مازن المبارك، دار النفائس، بيروت، لبنان، (ط5)، 1406 هـ /1986 م.

التحليل النحوي: أصوله وأدلته، فخر الدين قباوة، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، 2002م.

التحليل النحوي: تعريفه وطبيعته، محمود الجاسم، مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية، العدد: العشرون (1421/ 2001).

خصائص التراكيب: دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني، محمد محمد أبو موسى، مكتبة وهبة، (ط4) 1996م

دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، المحقق: محمود محمد شاكر، مطبعة المدني بالقاهرة، دار المدني بجدة، (ط3)1413هـ - 1992م.

شرح التصريح على التوضيح (أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو)، خالد الأزهري، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، (ط1) 1421هـ/ 2000م.

القراءة المثمرة: مفاهيم وآليات، عبد الكريم بكار، دار القلم، دمشق؛ الدار الشامية، بيروت، (ط6)، 1429هـ/2008م.

  الكتاب، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت، (ط1) د.ت.

المدخل إلى دراسة البلاغة العربية، أحمد خليل السيد، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1968م.

 مذكرات قارئ، محمد حامد الأحمري، دار الخلود، بيروت، ط1: 2014م

معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مجدي وهبة وكامل المهندس، مكتبة لبنان، (ط2) 1984م.

مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، جمال الدين ابن هشام، المحقق: مازن المبارك / محمد علي حمد الله، الناشر: دار الفك، دمشق، الطبعة السادسة: (ط6)، 1985.

المقدمة، عبد الرحمن ابن خلدون، تحقيق درويش الجويدي، المكتبة العصرية، بيروت، 1425هـ/2005م.

النحو والإبداع: رؤية نصية لتأويل الشعر العربي القديم، محروس بريك، دار النابغة للنشر والتوزيع، مصر، (ط1)،1435هـ/2014م.

النحو والدلالة: مدخل لدراسة المعنى النحوي، الدلالي، محمد عبد اللطيف حماسة، دار الشروق، (ط1)1420م-2000م.

نظرية المعنى في كتاب سيبويه، عماد زاهي ذيب نعامنة، إشراف محمد كاظم جاسم البكاء، (رسالة ماجستير)، جامعة مؤتة، الأردن، 1999م.

الوظيفية وتحولات البنية في كتاب سيبويه، دليلة مزوز، حوليات جامعة قالمة للّغات والآداب، العدد: 21، ديسمبر 2015م.


 

 

 

 



([1]) التحليل النحوي أصوله وأدلته:14.

([2]) سورة العلق: 96/1-5.

([3]) معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب باب القاف (القراءة): 287.

([4]) مذكرات قارئ: 26.

([5]) مذكرات قارئ:51.

([6])  مذكرات قارئ: 29-31.

([7]) القراءة المثمرة مفاهيم وآليات: 8.

([8]) المقدمة: 554.

([9]) المقدمة: 554.

([10]) الكتاب:1/12-32.

([11]) الوظيفية وتحولات البنية في كتاب سيبويه: 482.

([12]) الكتاب: 1/25.

([13]) الكتاب: 1/26.

([14]) ارتشاف الضرب من لسان العرب: 5/ 2364.

([15]) ينظر تعريف الكلام المحال، وقد أحسن سيبويه صنعا حين عرف الكلام المحال مباشرة بعد المستقيم الحسن، ليسهل معرفة المستقيم الكذب.

([16]) النحو والدلالة، مدخل لدراسة المعنى النحوي-الدلالي:86.

([17]) الكتاب: 1/25.

([18]) الهامش رقم 1 من كتاب سيبويه:1/26.

([19]) النحو والدلالة: 85.

([20]) نظرية المعنى في كتاب سيبويه: 264.

([21]) النحو والدلالة: 85.

([22]) النحو والإبداع: رؤية نصية لتأويل الشعر العربي القديم:63-64.

([23]) أصول التحليل النحوي لآيات القرآن الكريم: الاحتياط من تفكيك نظم القرآن نموذجا: 588. 

([24]) ينظر التحليل النحوي: تعريفه وطبيعه:342.

([25]) دلائل الإعجاز: 49-50.

([26]) دلائل الإعجاز: 53-54.

([27]) الكتاب:1/37.

([28]) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 684.

([29]) الإيضاح في علل النحو:69.

([30]) النحو والدلالة: 162.

([31]) النحو والدلالة: 163.

([32]) سورة النحل: 16/ 24.

([33]) سورة النحل: 16/ 30.

([34]) ينظر الإيضاح في علل النحو: باب ذكر الفائدة في تعلم النحو:95.

 

 

([35]) سيبويه، الكتاب:1/34.

([36]) سيبويه، الكتاب: 2/106.

([37]) خصائص التراكيب: دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني:303.

([38]) ينظر دلائل الإعجاز:1/178، وهو يميز بين "زيد منطلق" و"زيد المنطلق".

([39]) شرح التصريح على التوضيح (التصريح بمضمون التوضيح في النحو): 2/127.

 

([40]) وبذلك يتأكد ما قلناه سابقا أن دراسة مستويات النص كل عنصر على حدة لا يعني استقلال بعضها عن بعض.

([41]) النحو والدلالة: 161.