الخطاب وتحليل الخطاب، تصورات فكرية
ومقاربات دلالية
عزيز غنيم
باحث دكتوراه، جامعة محمد
الخامس، المغرب
aziz.ghnym@um5r.ac.maالبريد الإلكتروني:
معرف (أوركيد): 0000-0001-9499-5915
بحث أصيل |
الاستلام:18-3-2023 |
القبول:10-10-2023 |
النشر:31-10-2023 |
الملخص:
يروم هذا البحث تقفي معالم الخطاب وبنياته،
ورصد تشكلاته من خلال المنجز الفكري اللساني والفلسفي، الرامي لفهم الواقع عن طريق
كشف ملفوظاته، كما يتغيا هذا
البحث الوقوف عند القواعد الصورية التي سنها الفلاسفة واللسانيون
لتحديد نمط وجود الخطابات في الممارسات والسلوك، والوصول إلى العدة المفهومية التي
اجترحوها لاستكناه علاقة البشر بالحقيقة والمعرفة والسلطة.
كما يتيح تناول موضوع تحليل الخطاب إمكانية الانفتاح على مقاربات متنوعة مثل البنيوية
والسميائية والتفكيكية ومجالات معرفية متباينة من قبيل الفلسفة
والأدب واللسانيات، وكذا الانزياح نحو طروحات أفضت إلى دلالات تنتسب لحقول فكرية مختلفة
من دراسة الأرشيف والوثائق إلى علم النفس الاجتماعي والإيديولوجيا.
الكلمات المفتاحية:
تحليل الخطاب، الخطاب، الفلسفة،
اللسانيات، التفكيك.
للاستشهاد/ :Atif İçin / For Citation غنيم، عزيز (2023). الخطاب وتحليل الخطاب: تصورات فكرية ومقاربات دلالية.
ضاد مجلة لسانيات العربية وآدابها. مج4، ع8، 417- 443، https://www.daadjournal.com/ /.
Discourse and Discourse
analysis: intellectual perceptions and semantic approaches
Aziz Ghnym
Researcher‚ Mohamed V University‚ Morocco
E-mail:
aziz.ghnym@um5r.ac.ma
Orcid ID: 0000-0001-9499-5915
Published:
31 .10 .2023 |
Accepted:10.10 .2023 |
Received: 18.03.2023 |
Research Article |
Abstract:
This research wants to stand at the milestones
and structures of discourse, and monitor its shapes through the linguistic, philosophical
and intellectual achievement of understanding reality by exposing its files. This
research also seeks to identify the conceptual rules developed by philosophers and
linguists to determine the pattern of the existence of discourses in practice and
behavior, and to reach the number of conceptual approaches they have invoked to
discourage human beings' relationship to truth, knowledge and power. The topic of
discourse analysis also offers the possibility of opening up to diverse approaches
such as structural, semiological, deconstructive and different
areas of knowledge such as philosophy, literature and linguistics, as well as identifying
perceptions that have led to connotations related to different fields of thought
from archiving and documentation to social psychology and ideology.
Keywords:
Discourse analysis, Discourse, Philosophy, Linguistics, Deconstruction.
تقديم:
إن النظر الذي استوى لدى مجموعة من الباحثين
استواء لا نزاع فيه، هو العناية والاهتمام بمصطلحات العبارة والملفوظ والنص والخطاب،
وذلك لأجل تعيين المفاصل التعريفية والحدود المفهومية لهذه المصطلحات من منطلق أنها
شرط ضروري ولازم لضبطها وتمييزها عن بعضها البعض، وإبراز الجوانب والخصائص الأساسية
فيها(۱).
ولقد شكلت هذه العناية العتبة المعرفية
الأولى، والمدخل الأساس لكل المهتمين والمشتغلين بحقل تحليل الخطاب(۲) للنفاذ نحو تحديد
ابستيمولوجي واضح يزيل الغموض والالتباس الذي يكتنف هذا
الحقل، إذ هناك من يربطه بالنص وهناك من يقرنه بالملفوظ وهناك من يميزه عن العبارة.
ولأن التحديدات ليست سوى مقاربات عملية لربط المصطلحات
بنسقها المفهومي، وذلك بالاعتماد على منظومة مفهومية خاصة،
تهدف إلى إنشاء تصور معرفي ينضوي ضمن حقل من حقول المعرفة، فقد حفلت بحوث اللسانيين
والفلاسفة بمقاربات لتصنيف الخطاب وتحديد مجالاته، وبرزت تصورات عبرت بالخطاب من مضايق
لغوية صرفة إلى فضاءات فكرية رحبة.
۱. تحديدات أولية للخريطة
المفهومية: خطاب، تحليل، تحليل الخطاب:
۱-۱- مقولة الخطاب وتباين
التصورات:
لا غرو أن أول محاولة جادة تهدف
ضبط مفهوم الخطاب وشحنه بدلالته الخاصة تعود إلى الثقافة اليونانية مع أفلاطون، لتمتد
في العصور الحديثة (٣) مع ديكارت في
كتابه الموسوم بخطاب في المنهج لتبرز بشكل واضح في العصور الراهنة مع هاريس ودي سوسير
وفوكو وآخرون من خلال أعمالهم في هذا المضمار.
وهذا يجعلنا نتيقن بجلاء أن مفهوم الخطاب، قد حظي
منذ القدم بالعناية والاهتمام اللازمين في الثقافة الغربية من لدن كثير من المفكرين
والفلاسفة، حيث ورد في معجم تحليل الخطاب أن هذا المفهوم قد كان مستعملا في الفلسفة
الكلاسيكية كمقابل للمعرفة الحدسية، وكانت قيمته مكافئة للوغوس
غير أنه شهد انتشارا فائق السرعة مع أفول نجم البنيوية وصعود التيارات التداولية(۱).
وقد ارتبط هذا المفهوم معجميا عند الغرب بكونه وحدة
لسانية متكونة من جمل متعاقبة وأنه كل تلفظ
يفترض متحدثا وسامعا، بحيث تكون للطرف الأول نية التأثير في الطرف الثاني بشكل من الأشكال.
لكن أبرز تعريف للخطاب من وجهة نظر لسانية هو ما ذهب إليه جون ديبوا
وآخرون في معجم اللسانيات(2) حيث ألمعوا
إلى مجموعة من التعاريف للخطاب نورد منها
ما يلي:
"- الخطاب كلام وضع قيد الممارسة،
أما اللغة فتتولها الذات المتكلمة.
- الخطاب وحدة تكافئ أو تفوق الجملة، تشكل
متتالية تتحدد على إثرها رسالة لها بداية ونهاية.
- الخطاب من المنظور البلاغي، هو سلسلة
من التطورات على المستوى اللساني، سخرت لأجل الإقناع كما أنها بنيت وفق قواعد محددة.
- ما تؤكده اللسانيات الحديثة، هو أن مصطلح
الخطاب يشير إلى كل ملفوظ أكبر من الجملة"(3).
وما يمكن استنتاجه من التعاريف أعلاه هو التفريق
بين مصطلحين هما: الكلام، وهي نشاط
فردي يتميز به الإنسان عن باقي الكائنات الاخرى، والقول أو الحديث، الذي يتأطر ضمن
عملية التواصل التي تقتضي التفاعل المتبادل بين المرسل والمرسل إليه(٤)وفق قواعد معينة.
ويكاد يجمع كل المتحدثين عن الخطاب في هذا المقام،
على سبق زليخ هاريس في هذا المضمار من خلال بحثه الموسوم
بتحليل الخطاب(1) إذ يمكن اعتباره أول لساني حاول توسيع حدود موضوع
البحث اللساني ليتعدى الجملة إلى الخطاب(۲) حيث عرف هاريس الخطاب
بأنه "ملفوظ طويل أو متتالية من الجمل، تشكل مجموعة منغلقة يمكن من خلالها معاينة
بنية متسلسلة من العناصر بواسطة المنهجية التوزيعية، بشكل يجعلنا نظل في مجال لساني
محض"(۳) وضمن هذا السياق قدم
لنا الخطاب كمتوالية من الملفوظات ذات علاقات معينة، منطلقا في ذلك من تعريف بلومفيلد
للجملة مؤكدا أن وجود الخطاب رهين بنظام متتالية من الجمل.
وبمقتضى هذا التعريف سعى هاريس إلى تطبيق تصوره التوزيعي
على الخطاب، والذي من خلاله تصبح كل العناصر مترابطة في انتظام معين يكشف عن بنية النص،
وأس هذا الانتظام بين متتاليات الجملة يكمن فيما يسميه هاريس بالتوازي. وقد اشتغل هاريس
في تحليله للخطاب على متون قصيرة وذات طبيعة إشهارية تكثر فيها التوازيات بشكل ملموس، كما أن اختزاله للتحليل بحسب المكونات المباشرة
التي تجعل كل جملة تعود إلى بنياتها الأولية.
وعلى خطى مغايرة لهدي هاريس انخرط إميل بنفنست في إقامة تصور خاص للخطاب مشدود بدعائم معرفية ومسنود بخبرة
لسانية تتجاوز الإطار الشكلي للسانيات البنيوية، حيث اعتبر أن الفضاء الذي تمارس فيه
الإبداعية وسياقات الاستعمال اللغوي هو الذي يمنح الوحدات اللغوية قيما جديدة. ويشغل
ويشحن نظامها ومن ثمة يحولها إلى خطاب.
من هذا المنطلق التحديدي يعرف بنفنست "الخطاب باعتباره الملفوظ منظورا إليه من وجهة آليات
وعمليات اشتغاله في التواصل"(۱) والمقصود بذلك الفعل الحيوي لإنتاج ملفوظ
ما بواسطة متكلم معين في مقام معين، وهذا الفعل هو عملية التلفظ. وبصيغة أخرى يحدد
بنفنست الخطاب بمعناه الأكثر اتساعا بأنه"كل تلفظ يفترض متكلما ومستمعا وعند الأول هدف التأثير
على الثاني بطريقة ما" (۲).
وقد نبه بنفنست إلى أن
التلفظ هو موضوع الدراسة وليس الملفوظ، إذ بين الخطاب والملفوظ تداخلا يتمثل في كون
الملفوظ يتشكل من جملة أو من عدة جمل، وقد يكون دراسة نحوية أو غير نحوية، ذات سمات
دلالية أو غير دلالية، وبالمثل قد يكون الملفوظ أدبيا أو ملفوظا تعليميا يماثل في هذه
الحالة أنماط الخطاب، إن لم يكن مرادفا لها. فالملفوظ هو كل جزء من أجزاء الكلام يتلفظ
به المتكلم، سواء أكان مفيدا أو غير مفيد، عكس التلفظ الذي هو خطاب يتوافر على تمام
الفائدة.
وهكذا نلاحظ أن دراسة آلية التخاطب قد اقترنت في
اللسانيات الفرنسية بطروحات بنفنست، التي اعتبرت من لدن
الكثيرين نقطة تأسيس للخطاب، استفاد منها اللسانيون والفلاسفة
اللاحقون من أمثال الفرنسي أوليفيي روبول(۳) الذي حدد الخطاب بقوله:
"هذا الاصطلاح الذي صار حاليا ادعاء فارغا من طرف كل العلوم يشتمل بالفعل على
عدة معان:
- المعنى الشائع: الخطاب هو مجموع منسجم
من الجمل المنطوقة من طرف الشخص نفسه عن موضوع معطى، ومثال ذلك الخطاب الانتخابي، ويمكن
أن يحيل على نص مكتوب أو إنتاج شعائري واحتفالي (الخطاب الاستقبالي
بالأكاديمية الفرنسية).
- المعنى اللساني المختزل: بالنسبة للسانيين
المعاصرين، يعتبر الخطاب متوالية من الجمل المشكلة لرسالة لها بداية وانغلاق، إنه إذن
وحدة لسانية تساوي الجملة أو تفوقها (حكمة، مقال).
- المعنى اللساني الموسع: تأخذ اللسانيات
الاصطلاح بمعنى أكثر اتساعا، إنها تقصد بالخطاب "مجموع الخطابات المرسلة من طرف
الفرد أو من لدن الجماعة نفسها التي تعرض طبائع لسانية مشتركة، فاستنادا للجملة،
حدد اللسانيون مصطلح الخطاب، إذ هو في منظورهم عبارة عن
نص محكوم بوحدة كلية واضحة، بحيث يتألف من صيغ وجمل متراصة منسجمة ومتوالية، تصدر عن
المخاطب الذي يود تبليغ الخطاب وإيصاله إلى المخاطب"(۱).
وفي نفس السياق يقول روبول:
"أقصد بالخطاب مجموعة منظمة من الجمل، تتحدث عن موضوع معين"(۲) ولكي تتحقق عملية
التخاطُب، يفترض وجود مخاطِب ومخاطَب، وتوافر الحوار/التبادل الكلامي في الخطاب ليؤدي
دوره على أفضل وجه. باعتباره نشاطا لغويا إنسانيا بالغ الاهمية، لا يستطيع الفرد الاستغناء
عنه، وهو أعم من الجملة لكونه تركيبا من الجمل المنظومة طبقا لنسق مخصوص من التأليف.
يتضح مما سبق بزوغ محاولات أولى لتحديد الخطاب مع
هاريس وبنفنست وروبول، لكن الملاحظ
أنه مع بداية السبعينات من القرن الماضي تبلورت محاولات عديدة لمناقشة التحديدات السابقة
وقراءتها على ضوء التصورات التي بدأت تتمايز عن بعضها البعض، حيث غدت مشكلة الخطاب
إحدى الإشكالات المركزية التي يدلي فيها الباحث بدلوه، ويقدم اقتراحاته وإجراءاته للإسهام
في بلورة تصور مناسب لمفهوم مائع ومتعدد الدلالات. وسنحاول الآن الاقتراب ولو بإيجاز
من إحدى وجهات النظر هاته.
في مقدمة دراسته لدلالة التشكلات يطرح فرنسوا راستيه تصوره للخطاب مبرزا أن اللسانيات تحققت كعلم، نتيجة تمكنها
من تحديد موضوعها، وأن على تحليل الخطاب أن يحدد هو كذلك
موضوعه، وهذه ضرورة تاريخية لا مهرب منها بسبب علاقته الوطيدة باللسانيات.
وبعد أن بسط لنا راستيه
تعريف الجملة عند بلومفيلد، باعتبارها موضوع اللسانيات، انطلق للتأكيد على أن التحليل
الذي يبغي تجاوز الجملة، لابد له من أن يعلن عن الحدود التي يمكن أن يقف عندها، لينتهي
إلى أن أمامنا ثلاث استراتيجيات ممكنة وهي على النحو التالي:
- اعتبار الخطاب موضوعا للسانيات وتحديده
كتقاطع بسيط وخطي للجمل كما فعل هاريس.
- إبعاد الخطاب عن اللسانيات، والنظر إليه
من زاوية ارتباطه بالكلام لا باللسان.
- وضع علم للخطابات يكون موازيا للسانيات
ويكون موضوعه الفعلي واحدا، وموضوعه المعرفي مختلفا.
إن راستيه من خلال تقديمه
لهذه الاستراتيجيات الثلاث يكون –عمليا- قد قدم لنا وجهات النظر الموجودة في بداية
السبعينات بصدد الخطاب وتحليله. فهناك التصور الذي يوسع مجال الدراسة اللسانية بإدخال
الخطاب ضمن موضوعها، وهناك التصور الذي يرفض ذلك مطلقا، وهناك أخيرا التصور الداعي
إلى خلق علم جديد للخطاب على غرار اللسانيات.
وفي ضوء ما سبق ومن خلال تقص وفحص دقيق لتحديدات
مصطلح الخطاب، يتضح أن ثمة خصائص مشتركة بين اللسانيين والباحثين الذين يعملون بتوجيه
مباشر من اللسانيات في تحديدهم للخطاب٬ نوردها على النحو
التالي:
أولا: أن الخطاب وحدة لغوية أشمل من الجملة،
فهو نظام من الملفوظات، يتحدد مفهومه للغة بناء على التلفظ أو القول بين طرفين، أحدهما
مخاطِب وثانيهما مخاطَب، يتحاوران في شكل حديث حر، فيقال حينئذ إنهما يتخاطبان، فيفهم
أحدهما الآخر من خلال البينة وفصل الخطاب.
ثانيا: تأكيد المظهر اللفظي للخطاب، وذلك
راجع إلى اشتغال اللسانيين بالخطاب الشفهي (الكلام) على أساس أن الكلام يمثل مظهرا
لفظيا خاصا بالفرد، وكونه أكثر المظاهر الإشارية تعبيرا عن اللغة، فالملفوظ هو جملة
ما يتلفظ به الإنسان، ويكون محددا ببداية ونهاية كأن يكون محصورا بين حالتي وقف في
الخطاب الشفهي، أو بين علامتي ابتداء وانتهاء في الخطاب المكتوب والملفوظ بذلك يكون
جملة، أو فقرة، أو نصا، حيث يطلق على صاحبه اللافظ، والتأكيد على هذا الجانب يفترض
ضمنا الاهتمام ببعض مكونات نظرية التخاطب كالمخاطَب والمخاطِب بوصفهما قطبي إرسال،
واستقبال للملفوظ من الكلام، وكل هذا يحيل إلى اتساع مفهوم الخطاب، ليكون موضوعا لا
تعنى به اللسانيات المحضة فحسب، وإنما نظرية الاتصال والتلقي والسيميولوجيا.
ثالثا: تعدد دلالات الخطاب بتعدد اتجاهات تحليله
وحقول المعرفة التي ينتمي إليها أو التي استعمل فيها، فمجالات المعرفة عديدة. فهناك
اللسانيات والفلسفة والنقد والسيمياء.
۱-۲- حقل الخطاب ومدارات
التحليل:
إن الدقة في تحديد المفاهيم يترتب عنه حشد ما تتطلبه
من معلومات ونظريات وآراء تساعد في النهاية على توظيفها توظيفا نفعيا في مجالها الذي
وضعت لأجله. ونحن هنا بصدد الوقوف عند مفهومين اثنين يندرجان في مختلف حقول الفكر الإنساني
بدون استثناء، ويشكلان منطلقا خصبا للدراسات اللغوية والفلسفية ماضيا وحاضرا هما التحليل
والخطاب.
ولعل ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن كلا المصطلحين
قد وردا مضافا إلى بعضهما البعض، فكلمة "تحليل مصدر قياسي بوزن تفعيل: من حلل
المضعف والأصل الثلاثي فيه (حل) بمعنى فتح، فيقال: حل العقدة، فتحها ونقضها فانحلت،
وإذا نقل المعنى السابق (حل العقدة) إلى المجاز وأسقط على الخطاب فهو بلا ريب يؤدي
المعنى المطلوب والمتمثل في سبر أغوار شيء مجهول، والوقوف على خباياه وعقده" (۱).
كما ميز المعجم الفلسفي بين لفظتي تحليل وتحليلي على النحو التالي: إذ
يفهم من لفظة تحليل ما يلي:
- منهج لبناء تصور أو طريقة للاستدلال.
- دراسة العلاقات المستقلة بين العناصر
الكبرى.
- تجزيء الكل إلى عناصر صغيرة.
أما مصطلح تحليلي فيحيل على ذلك التوجه الذي تطور
في مهد القرن العشرين على يد كل من برتراند راسل ووايتهد،
حيث عملا على تجاوز المشكلات المطروحة آنذاك، انطلاقا من تأسيس فلسفة معرفية من منطلق
منطق الكلام، فكما هو معلوم فلفظة تحليلي قد نمت في دائرة الأبحاث المنطقية من خلال
الفكرة التي طورها غوتلوب فريجه، حول اللغة الشكلية، التي
يمكن أن تكون نموذجا للفكر المحض، بمعنى لغة رمزية لترتيب الأفكار.
والواقع أن هذه التحديدات والتأسيسات، تحاول أن تنفذ
إلى عمق الدراسات الفلسفية والأدبية التي لا تنفك عن التراكم العام للنقاش الدائر حول
أصل اللغة، والفروق الجوهرية بين اللغة العادية والصناعية من جهة، واللغة الأدبية وغيرها
من جهة أخرى، هذه التحديدات هي ما سيجعلنا نفهم الخطاب الفلسفي في علاقته بالأدبي،
وهذه التأسيسات هي ما يدفعنا نحو تحديد اشتغال تحليل الخطاب وفق التصورات التالية:
١-٢-١ تحليل الخطاب باعتباره
دراسة للخطاب:
"أي دراسة الاستعمال الحقيقي للغة من قبل متكلمين
حقيقيين في وضعيات حقيقية، ووفق هذا التصور يبدو تحليل الخطاب هو ذلك الفن الذي يدرس
اللغة باعتبارها نشاط راسيا في مقام محدد ومنتجا لوحدات تتجاوز وتتعدى الجمل، وباعتباره
استعمالا للغة لأهداف ومرامي اجتماعية تعبيرية وإحالية،
وفي هذا الإطار يعمل تحليل النصوص بغض النظر عن نوعها على الاقتراب ومجاورة مقاربات
شديدة التنوع يمكن اختزالها في: تحليل التخاطب وإثنية التواصل واللسانيات الاجتماعية
التفاعلية"(۱).
١-٢-٢ تحليل الخطاب باعتباره
دراسة للتحادث:
يعتبر ثلة من الباحثين خاصة في البلدان الأنغلوسكسونية، أن الخطاب نشاطا تفاعليا أساسيا، بحيث يخلطون
قليلا أو كثيرا تحليل الخطاب بالتحليل التحادثي، ويقابل
ليفنسون في مجال التحليل التحادثي،
بين اتجاهين: تحليل الخطاب القائم على تحليل النصوص التحادثية
تحليلا لسانيا تراتبيا، والتحليل التحادثي بالمعنى الدقيق
الذي يندرج في حركة الإثنية المنهجية، ويمثل التيار(۲) الأول كل من سنكلار
وكلتار أو الأعمال الأولى لمدرسة جنيف، وقد تبنى هذا التمييز
ج. مشلار وروبول.
١-٢-۳ تحليل الخطاب باعتباره
وجهة نظر خصوصية إلى الخطاب:
في كثير من الأعمال المستوحاة من اللساني البريطاني
هليداي، "تتمثل الغاية القصوى لتحليل الخطاب في أن
نبرز ونؤول في آن واحد العلاقات التي بين انتظامية اللغة والمدلولات المعبر عنها من
خلال الخطاب. لكن لسنا مضطرين أن نفكر تفكيرا غائيا لنرى في تحليل الخطاب فنا لا ينحصر
في تحليل النص تحليلا لسانيا، ولا في تحليل اجتماعي أو نفساني للمقام"(١) وفي
نظر دومينيك مانغونو ليس موضوع تحليل الخطاب التنظيم النصي
في حد ذاته ولا مقام التواصل وإنما ينبغي أن يكون نظرا في آليات التلفظ التي تصل تنظيما
نصيا محددا بموقع اجتماعي محدد ومن هذا المنظور فإن لتحليل الخطاب صلة خاصة بأجناس
الخطاب، وباعتبار الخطاب فنا من فنون دراسة الخطاب فإنه يمكنه أن يهتم بنفس المدونات
التي تتناولها اللسانيات الاجتماعية(٢).
هكذا نستطيع أن نسطر نتيجة أساسية ولكنها مبدئية
مفادها أن تحليل الخطاب مبحث جامع بين مجالات معرفية شتى تتناول المادة اللغوية عندما
تتشكل في خطاب سواء كان مصطلحا يميل به أصحابه إلى المقول أو إلى المكتوب أو إليهما
معا، فتحليل الخطاب مبحث لساني/ فلسفي مشرع على أبواب تتعلق بمختلف جوانب الإنسان،
وترنو إلى أن تحيط به حتى لا يغيب عنه شيء مما يصدر عنه ويحيط به من مؤثرات ذات الصلة
في إنتاج مختلف وجوه التواصل عبر اللسان.
۲. أنواع الخطاب ومقارباته
النظرية والدلالي:
۲-۱- أنواع الخطاب: اللساني،
الأدبي، الفلسفي:
يتفق معظم المشتغلين في مجال الخطاب، أن قضية التمييز
المطلق بين الخطابات أمر في غاية الصعوبة، ومجال مفتوح ومتشعب المداخل، لأن الخطابات
تتماهى وتتداخل تداخلا معقدا يزيد من صعوبة رسم الحدود وتوضيح الخصوصيات، وقد تبلور
الاهتمام في هذا المقام بالخطاب قديما وحديثا في مجالات متعددة كاللسانيات (الخطاب
اللساني) والفلسفة (الخطاب الفلسفي) والأدب (الخطاب الأدبي)، ونال حظه من الدراسات
أيضا، حيث تكوثرت جملة من النظريات اللسانية التي تروم الربط بين بنية اللسان الطبيعي
من ملفوظات وعبارات ووظائفها داخل المجتمعات البشرية، وثلة من التصورات الفلسفية التي
ترى أن الخطاب بالأساس عبارة عن شبكة معقدة من النظم الاجتماعية والسياسية التي ينتج
فيها الكلام على شكل خطاب.
أ- الخطاب اللساني:
بزغ مصطلح الخطاب في حقل الدراسات اللغوية
في الغرب، وتطور ونما في ظل التفاعلات التي عرفتها هذه الممارسات، ولا سيما بعد ظهور
كتاب "محاضرات في اللسانيات العامة" ل فرديناند دو سوسير(۱)
وأهم
ما جاء فيه أن اللغة ظاهرة اجتماعية
ومع تطور العلوم ظهرت الحاجة للاستفادة
من اللسانيات واستثمارها في العلوم التي تهتم بالخطاب والأسلوبية، فأمسى الاهتمام بمقولة
الخطاب باعتبارها تعكس الإنجاز الفعلي لعملية الاتصال في مختلف مقامات الاستعمال الممكنة
والمرتبطة بالعلاقات الإنسانية المتنوعة، وبالتالي أصبحت معظم التيارات اللسانية تنطلق
من مقولة الخطاب بوصفها أقصى وحدة لغوية ينبغي أن يلامسها الوصف اللساني الكافي(٢).
وضمن هذا السياق، توسع الدرس اللساني من وحدة الجملة
إلى وحدة الخطاب، بعدما أصبح يهتم بالمظهر التفاعلي والاجتماعي للبنيات اللغوية حيث
يدل مصطلح الخطاب على كل كلام تجاوز الجملة الواحدة سواء كان مكتوبا أم ملفوظا. أما
الاستعمال الاصطلاحي فيدل على أن الكلام له دلالات غير ملفوظة يدركها كل من المتحدث
والسامع دون علامة معلنة أو واضحة.
وعلى هذا الأساس تقوم كلمة الخطاب على مرتكز اللغة
باعتبارها نظاما رمزيا يعبر به المتكلم عما يريد، والكلام باعتباره إنجازا لغويا يوجهه
المتكلم إلى شخص آخر هو المخاطَب.
ونظرا لتعدد مدارس واتجاهات الدراسات اللسانية الحديثة(٣) فقد تعددت مفاهيم ومدلولات مصطلح الخطاب
نذكر منها:
- الخطاب مرادف لمفهوم الكلام حسب دي سوسير
وهو المعنى المعروف في اللسانيات البنيوية.
- الخطاب عند ستورك وهاتمان نص مشدود بوحدة كلية واضحة تتألف من صيغ تعبيرية متوالية
تصدر عن متحدث فرد يبلغ رسالة ما.
- الخطاب في نظر كوزريو
هو المسؤول عن ترابط الجمل واتساقها داخل النصوص.
- الخطاب حسب تودروف
فعل كلامي أو منطوق يستلزم بالضرورة وجود مستمع ومتحدث في نيته التأثير على المستمع
بطريقة من الطرق.
وعموما فالخطاب بحسب اللسانيين هو الطريقة التي تكون
بها الجمل نظاما متتابعا في نسق دال من أشكال الأداء اللفظي التي تستخدم وتستعمل لتحقيق
أغراض معينة.
ب- الخطاب الفلسفي:
يعد الخطاب الفلسفي خطاب المفاهيم بامتياز، فقد كان
الفلاسفة يبدعون مفاهيم جديدة، فإذا كان الأديب أو الشاعر يجدد اللغة ويبدع معاني دقيقة
على مستوى الشعور أو الإحساس، فإن الفيلسوف يبدع معاني فكرية وعقلية جديدة للتعبير
عن علاقات وأوضاع وإشكاليات عن طريق مقولات ومفاهيم جديدة، آخذا بعين الاعتبار التعامل
مع المفاهيم بوعي كبير، وبدرجة كبيرة من التدقيق، فكل مجال معرفي إلا وله جهازه الاصطلاحي
الذي يضبط مفاهيمه، فالمسألة في هذا الإطار لا تختزل في مجرد لعب بالكلمات واستبدال
لشبكة مفاهيمية بأخرى مغايرة، بقدر ما هي توليد لمفاهيم تحيل إلى تصورات ومواقف يقوم
عليها الفكر الانساني عبر سيرورته الإبداعية(1).
فالمفهوم في الفلسفة هوقطب
الرحى والركن الأساس في كل بناء تنظيري وغيابه يؤدي إلى نسف البناء من أساسه، والمفهوم
هو الذي يمنع الفكر دون أن يتحول إلى مجرد رأي بسيط أو وجهة نظر، فالفلسفة كانت دوما عملا دؤوبا وجهدا متواصلا ينساب نحو
أعماق المفاهيم لتختبر مدى متانتها وصلابتها وتلاؤمها مع أرضها لتأصيلها كي تقول حقيقتها(۲).
وتلعب طبيعة الموضوعات دورا أساسيا في البناء الشكلي
للخطاب الفلسفي، فما يميز هذا الأخير هو ذلك البناء الجدلي الحجاجي، وهذا البناء راجع
في الاصل إلى طبيعة الموضوع، لأن الانتصار لرأي وفكر ما يتطلب برهنته بحجج وبراهين.
ومن أبرز خصائص الخطاب الفلسفي الدقة في التعريفات
والمفاهيم، لأجل سد الباب أمام كثرة التأويلات التي قد تشوه المعنى وتسمح بالوقوع في
الزلل، والاشتغال على الأفكار لأجل توليد
أفكار جديدة، والنقد الهادف لفهم المستغلق عبر اختراق كثافة
المفاهيم والمقولات أو بإزاحة حدود العقل
عن طريق ترتيب العلاقات بين المفاهيم(۱).
ومن أبرز خصائص الخطاب الفلسفي أيضا الطابع الحواري،
حيث اتخذت الفلسفة القديمة من المحاورة(٢)
أسلوبا لها على نحو ما كتبه أفلاطون، فالحوار سمة من سمات الكتابة الفلسفية ذات اللون
الأدبي، التي تدل على عادة التخفي في الجهر بالمعنى المضمر وراء قناع الشخصيات الأخرى.
ومن هذا المنطلق، فإذا كان الخطاب الفلسفي على هذا
القدر من الدقة فإنه يتطلب قارئا مفكرا، قارئا واعيا يستطيع فك شفراته، وفي هذا يقول
هانز ريشنباخ "إن الفلسفة لا تقدم تلك الحلول
المغرية التي تقدمها مذاهب تتحدث لغة مجازية وتهيم بالميول الجمالية، وإنما تقدم إجابات
لا يفهمها إلا ذهن مدرب على التفكير المجرد، وهي تفترض من تلامذتها دراسة كل جزء منها
بدقة العالم الرياضي وانضباط المهندس "(٣).
ج- الخطاب الأدبي:
إن الشيء الرئيسي في الأدب على
خلاف الفلسفة حسب إبراهيم زكرياء(٤) هو الفن، ما دمنا نصبو فيه إلى المتعة
لا الحقيقة ونتوخى اللذة الفنية لا التعليم العقلي، فالأديب إنما يقدم لنا عملا فنيا
نرتاح إليه ونستمتع به ونستغرق فيه، وهو إذا حاول أن يحشد في عمله الفني أدلة عقلية
أو براهين فلسفية أو مذهبا مجردا فإنه قد يفسد عندئد كل
ما في عمله من ذوق أدبي، لذلك يختلف الخطاب الأدبي عن الخطاب الفلسفي في طبيعة التفكير
والتعبير، فالعملية الأدبية تتميز بتوهج مدارات الخيال وتحكمها الجمالية والفنية في
أساليبها، بينما الكتابة الفلسفية فتغلب عليها النظرة العقلية والمنطقية لقضاياها،
ولها مميزاتها في تراكيبها وموضوعاتها ولغتها، ويرى الدكتور إبراهيم السعدي "أن
الخطاب الأدبي نوعي له خصوصياته، فهو ينتمي إلى الظواهر الجمالية ويحقق فعاليته من
خلال ما ينتجه من انفعالات وأحاسيس وعواطف في نفس المتلقي، باستخدام جمالي وخيالي للغة، في حين أن الخطاب الفلسفي خطاب عقلاني يبحث فيما
هو فكري معرفي بطرق برهانية حجاجية"(۱).
وعلى هذا الأساس يمكن الإقرار بكون كل ما هو أدبي
يقترن بما هو جمالي وكل ماهو فلسفي يتصل بما هو تجريدي في
حدود ما، لأنه ثمة من يربط بين الأدب والفلسفة على أساس أن كلاهما إنتاج فكري عقلي
تحكمهما علاقة تأثير وتأثر، لكونهما شكلان متجاوران من أشكال الإنتاج الفكري والإبداع
العقلي، يترابطان ترابط جوانب مختلفة لإنسان واحد وأنماط مختلفة في حضارة واحدة.
۲-۲- مقاربات الخطاب:
البنيوية، السيميائية، التفكيكية:
حظي موضوع الخطاب باهتمام وعناية من لدن الباحثين
والمفكرين من مختلف المجالات، الأمر الذي أدى إلى تعدد مقاربات تحليل بنيته بغية فهمه
وإدراكه، ومن أبرز هؤلاء الباحثين٬ اللساني فرديناند دي سوسير الذي
أسس ومهد من خلال آرائه وأبحاثه الطريق إلى مقاربة منهجية تعتمد مبدأ الكلية المنتظمة،
وكذلك شارلز ساندرز بيرس الذي سلك مسلك إمكانية دراسة
أي ظاهرة كيفما كانت٬ بغض النظر عن طبيعتها ولغتها إذا ما عدت
علامة لسانية أو غير لسانية، إلى جانب جاك دريدا الذي نادى بالانتقال من الخطاب
اللساني إلى الخطاب الكتابي، لأجل الاقتراب نحو فهم الخطاب المحدد بطبيعته السردية(٢).
ضمن هذا السياق يمكن القول أن
لكل مقاربة من هذه المقاربات، مفاهيما وأسسا تختلف عن غيرها، لكنها تلتقي عند مطمح
واحد، وهو تحليل الخطاب على مستوى بنيته البسيطة أو المركبة لأجل فهمه وإدراكه.
أ-
المقاربة البنيوية:
ترجع لفظة البنيوية أوالبنية
للفعل اللاتيني Strure،
وهي كلمة تحمل معنى "المجموع أو الكل المؤلف من عناصر متماسكة يتوقف كل منها على
ما عداه، ويتحقق بعلاقته بما سواه، فهي نظام أو نسق من المعقولية التي تحدد الوحدة
المادية للشيء، فالبنية ليست هي صورة الشيء أو هيكله أو التصميم الكلي الذي يربط أجزاء
فيما بينها، وإنما هي القانون الذي يفسر الشيء بالوقوف عند الترتيب الداخلي للوحدات
التي تكون النظام اللساني"(۱).
وقد كانت الانطلاقة الأولى للمقاربة
البنيوية مع عالم اللسانيات فرديناند دي سوسير من خلال محاضراته التي جمعت من طرف تلميذيه
شارل بالي وألبرت سيشهاي في كتاب معنون بدروس في اللسانيات
العامة، وعلى الرغم من أن دي سوسير لم يستخدم
مصطلح البنيوية أو البنية، إلا أنه أسس ومهد من خلال آرائه وأبحاثه الطريق إلى هذه
المقاربة المنهجية التي تعتمد مبدأ الكلية المنتظمة، أي أن كل ظاهرة بغض النظر عن طبيعتها،
بما في ذلك الخطاب تتكون بالأساس من بنية خاصة تتطلب تحليلا موضوعيا إلى جزئياتها البسيطة،
فهي تهدف إلى ضبط الاختلافات بين هذه الأجزاء وتحديد العلاقات التي تجمعها من خلال
عملية تحليل الخطاب إلى أجزائه البنيوية والوظيفية التي تؤديها ضمن الكل، ثم إعادة
تشكيله من جديد، إلا أن هذا التحليل، ينبغي أن يتم بمعزل عن كل العوامل والمؤثرات الخارجية،
فهي تلغي بذلك صاحب الخطاب وإطاره الزمني(۲).
لابد من الإلماح هنا،
إلى أن أهم ما جاء به دي سوسير، هو التمييز بين ثنائية اللغة والكلام، حيث جعل من اللغة
نظاما يتضمن علامات تنتجها جماعة معينة تؤدي إلى إنتاج فكرة ما، أما الكلام فهو الأداء
الفردي للمخاطب، يصدر عن إرادته الذاتية للتعبير عن فكرته الشخصية.
كما قام دي سوسير بتحليل ثنائية الدال والمدلول حيث
جعل من الأول تمثيلا لجزء صوتي، مثل الصوت في الخطاب المسرود أو الحرف في الخطاب المكتوب،
أما المدلول فمثله بالجزء الذهني، أي الصورة التي تتكون في الذهن بعد إدراك الدال،
وأشار إلى أن هناك علاقة اعتباطية تربط الجزأين، بالإضافة إلى ثنائية التعاقب والتزامن،
إذ يرى أن الظاهرة اللغوية يتم دراستها في فترة زمنية معينة دون اتباع مسارها التطوري
عبر الزمن، وهذا ما قصده بالتزامن، أما في حال ما تم دراسة هذه الظاهرة اللغوية عبر
تتبع تطورها خلال فترات زمنية مختلفة وما يطرأ عليها من تغيرات فذلك هو التعاقب(۱).
لقد انحسرت المقاربة البنيوية في بداية الأمر على
مجال اللسانيات، إلى أن قام كلود ليفي ستراوس بتطبيق هذه
المقاربة على باقي العلوم، مؤكدا أنها تطبق على جميع أنواع الدراسات بغض النظر عن طبيعة
موضوعها أو المجال الذي تنتمي إليه، لأن طبيعة الخطاب تجعله يتضمن بنيتين إحداهما واضحة
والأخرى ضمنية، تتطلب تحليلا لتوضيح العلاقات التي تجمعهما، كما ينبغي دراسة بنية هذا
الخطاب في إطار نسق من العلاقات الباطنية التي تحكمها قوانين خاصة تتسم بالوحدة الداخلية
والانتظام الذاتي بشكل يؤدي فيه كل تغير في العلاقات إلى تغير في النسق نفسه.
وقد اعتبر ستراوس أن المقاربة
البنيوية ترفض ثنائية الشكل والمضمون، لأن لهما الطبيعة نفسها، ويستحقان العناية ذاتها
في التحليل، فالمضمون يكتسب واقعه من البنية، وما يسمى بالشكل ليس سوى تشكيل لهذه البنية،
وعلى هذا النحو فإن البنية لا تلغي الواقع بقدر ما تتيح الفرصة لإدراكه في كليته(۲).
يتضح مما سلف أن البنيوية قد اهتمت في بداياتها باللغة،
وقد تجسد ذلك في البنيوية اللسانية مع دي سوسير والتي تدعو محللي الخطاب إلى أن يدرسوا
علاقات وحداته وبنيته المكونة له بغية الوصول إلى نظام يجعل من هذا الخطاب موضوع الدراسة
الأدبية، وهذا ما نحت نحوه البنيوية الأدبية، حيث اعتمد رولان بارث
هذه المقاربة ضمن أبحاثه إذ تطرق من خلال محاضراته٬ إلى أن تعدد الخطابات
مرده تعدد وتنوع السرد في حد ذاته، كما هو الحال في الأسطورة والقصة القصيرة والسينما
وغيرها من الفنون، ما يجعل دراسة الخطابات، لا تقتصر على مجال اللسانيات فقط، وإنما
أيضا هو أحد مواضيع دراسة العلوم الإنسانية، وعلى هذا المرتكز، قام رولان بارث بإخراج دراسة وتحليل الخطاب من دائرة المقاربة البنيوية لدى
سوسير٬ التي تحلل بنى الخطابات
بمعزل عن الظروف الخارجية المؤثرة في إنتاجه إلى فضاء تتم فيه المقاربة البنيوية التي
تهتم بالنسق الداخلي للخطابات وبنيتها والقواعد التي أسهمت في إنتاجها.
ب- المقاربة السيميائية:
تعتبر المقاربة السيميائية،
بمثابة منهجية تحليلية، تعمل على تناول الخطابات والأنشطة البشرية تحليلا وتأويلا،
حيث تسعى لاكتشاف العلاقات بين العلامات، وهذا ما جعل حقل الأدب والفنون كالسينما،
مرتعا خصبا لها، كما أنها لا تهتم بالخطاب ولا بصاحبه بقدر ما تهتم بالمضمون والكيفية
التي تم بها هذا الخطاب، وبالنسبة لها فالعلامة تحيل على دلالات ومعان متعددة، وإذا
كان دي سوسير قد ألمع إلى مفاهيم تنضوي ضمن المقاربة السيميائية(۱) فإن الباحث الأمريكي شارلز ساندرز بيرس قد وضع أسسها ومبادئها وجعل منها مقاربة منطقية، إذ
يرى بيرس(۲) أنه
بالإمكان دراسة أي ظاهرة بغض النظر عن طبيعتها ولغتها إذا اعتبرت علامة لسانية، ويحددها
في ثلاث على النحو التالي:
• العلامة الأيقونية:
وتعني كل دليل لغوي أو غير لغوي، تهيمن فيه القوانين والخصائص التصويرية، والعلاقة
بين الدال والمدلول علاقة تشابه وتماثل، مثل الخرائط والصور الفوتوغرافية.
• علامة الرمز: وهي إشارة تعود إلى الشيء
الذي يدل عليه بفعل قانون يتكون عادة من تداعي عالم الأفكار، وتتحدد ترجمة الرمز بالرجوع
إلى هذا الشيء، كالميزان رمز للعدالة والحمامة رمز للسلام، الخ.
• علامة الإشارة: وتدل على أي شيء يتعين
بموضوع من جهة، وبفكرة معينة في الذهن من جهة أخرى، كأضواء المرور على سبيل المثال،
ولابد للإشارة من مادة أو مرجع، كما لابد من مؤول لها.
وتتكون العلامة عند بيرس من:
- الماثول : ترسل لشخص معين عن شيء
ما، فتجعل عقله يدرك العلامة المماثلة لها.
- المؤول: يعد الوسيط الأساسي الذي من
خلاله يمكن للماثول الدلالة على موضوعه.
- الموضوع: هو المعرفة التي تفترضها العلامة
لكي تأتي بمعلومات إضافية تخص هذا الموضوع.
كما اهتم السيميائي جوليان غريماس هو الآخر
بالتحليل السردي للخطابات، حيث رأى أن البحث عن الدلالة ينبغي أن يتحقق على مستوى البنية
العميقة، أي القواعد التي أوجدت التتابع بين الكلمات، وهي التي تمثل في ذهن المرسل
المتلقي لهذا الخطاب، وليس على مستوى البنية السطحية الظاهرة عبر تتابع الكلمات التي
تصدر عن المرسل، ولأجل ذلك ينبغي تجاوز المعطى الدلالي الآني مع افتراض وجود معطى ممكن
أن تتجلى فيه العوالم الدلالية التي تتمظهر في بنى دلالية، وعلى أساس وجود هذه العوالم
يتم تنظيم البنيات الدلالية والكشف عن آلياتها، ومن أجل مقاربته السيميائية السردية للخطابات قام غريماس بوضع نموذجين بارزين هما:
- النموذج العاملي: وهو نموذج يعمل على
تقليص الوظائف الموجودة في الخطاب، والتشخيص غير التزامني للأفعال، ذلك أن السرد يقوم
على التراوح بين الاستقرار والحركة والثبات والتحول في آن واحد، ويتألف هذا النموذج
من ثلاث ثنائيات ترتبط فيما بينها بثلاث علاقات، يمكن تمثيلها بالآتي:
ذات/ موضوع = علاقة الرغبة.
مرسل/ مرسل إليه = علاقة اتصال.
مساعد/ معارض = علاقة صراع.
- نموذج المربع السيميائي: هو نموذج
يهتم بتحديد علاقات التناقض، فالأولى تتمظهر من خلال طرفي التعارض في الخطاب، والثانية
تنشأ بين الطرفين المتناقضين المنفيين، أما العلاقة الثالثة فتكون بين الطرفين الاولين
مثال: حياة/لا حياة (علاقة ثبات) - حياة/ موت (علاقة تضاد)-
حياة/ لا موت (علاقة تناقض).
وفي نطاق تحليل الخطابات السردية، فليس حقل الآداب
المستفيد الوحيد من المقاربة السيميائية، فالسينما هي الأخرى
لجأت إلى السيميائية من أجل تحليل موادها، فكان لكريستان ميتز الفضل الكبير في استعمال المقاربة السيميائية السنيمائية التي اهتمت منذ بداياتها بدراسة الصورة
كونها مجموعة علامات ورموز، الأمر الذي مهد الطريق لبروز التحليل السيميائي للفيلم،
ومن أبرز الباحثين الذين أسهموا في تشكل مناهج ومقاربات تحليل الصورة، نجد في هذا الصدد،
رولان بارث من خلال نشره لموضوع وسمه بعلم الصورة سنة ١٩٦٤
لتبرز النظرية غير اللسانية، فكان من السباقين لدراسة الصورة دراسة لسانية وسميائية، إذ ربط هذه الأخيرة بوظيفتها التصويرية والتمثيلية للواقع،
لتأتي بعدها دراسات وأبحاث كريستيان ميتز المبنية على تشابه ثنائية الصورة والتماثل
الأيقوني، والقائمة كذلك على تفكيك الصورة من حيث مكوناتها
البنيوية٬ من ألوان وأشكال
ورموز، وبالتالي سيكون بالمقدرة التمييز بين صورة وأخرى، إذا ما كان هناك اختلاف أو
تشابه، وهكذا تتجلى لنا الدلالة من خلال المعنى وعبر الاختلاف والتضاد، وبالتالي تنفرد
الصورة السينمائية بمجموعة من الوظائف، منها الوظيفة التصويرية والتمثيلية والأيقونية والتفسيرية والتأويلية والأيديولوجية ومجموعة وظائف
أخرى، ولا يمكن فهم الصورة السينمائية إلا ضمن نسق معين يمكننا من تفكيكها وترتيبها
في سياق بصري معين.
هكذا نتبين أن المقاربة السيميائية
للخطابات لم تتقيد بوجهة نظر منغلقة بل انفتحت على مختلف الاجتهادات، وسعت إلى استغلالها
سالكة بذلك مسالك متعددة، مما يسهم في إخصاب هذه المقاربة وتنويع من روافدها وتوسيع
أفقها.
ج- المقاربة التفكيكية:
يدل مصطلح التفكيك على طريقة تحليلية تتيح إماطة
اللثام عن منظومة الاصطلاحات الأيديولوجية والبلاغية التي تدعمها٬ عن طريق تفكيك عمل
ما إلى العناصر التي تكونه، ومن رواد هذه المقاربة النقدية الأدبية/الفلسفية جاك دريدا الذي يعتبر من أبرز واضعي أسس المنهجية التفكيكية،
حيث عمل على تخطي وتجاوز الدلالات الصوتية التي نادت بها كل من المقاربة البنيوية والمقاربة
السيميائية إلى دلالات كتابية، أي الانتقال من الخطاب اللساني
إلى الخطاب الكتابي لأجل الاقتراب نحو فهم الخطاب المحدد بطبيعته السردية، فكل خطاب
حسبه هو آلة تتكون من رؤوس عديدة، من أجل قراءة خطابات أخرى، وبهذا المعنى يكون دريدا
قد دشن آفاقا واعدة وواسعة لدراسة معمقة للخطابات بشتى أنواعها(۱).
ويمكن القول إن أبحاث دريدا في هذا المقام تدور عبر
مسالك مختلفة وزوايا متباينة، حول العلامة اللغوية، فعصرنا كما كتب دريدا في الغراماتولوجيا، هو عصر تضخم العلامة، واستمرار خطاب اللاهوت والميتافزيقا في كل الأعمال الفكرية، بما في ذلك الأعمال المتأخرة
التي تزعم الخروج عنها، وللكشف عن هذه الاستمرارية يموضع
دريدا تدخله في أفق الكتابة، نحو استنطاق التصور الغربي للكتابة، عبر مختلف تنويعاته
وتجلياته.
وضمن هذا السياق فقد ارتبط التفكيك عند دريدا بتفكيك
مركزية العقل كميتافزيقا تعبر عن فكرة الحضور من ناحية ومركزية
الصوت من ناحية أخرى، إذ يعتقد أن الأفضلية التي تعطى للغة المتكلمة على حساب اللغة
المكتوبة هو الوجه الآخر لعملية قمع أساسية طبعت تاريخ الميتافزيقا
بأكمله وبالتالي لا تحل رموز هذا التاريخ إلا كتاريخ قمع وكبت للكتابة(۲).
ويعتبر دريدا في هذا الإطار أن الوصول إلى الإدراك
والفهم النهائي للخطاب غير ممكن بتمركز المعنى الذي يمنع التعدد والاختلاف في المعاني،
كما تهدف المقاربة التفكيكية إلى تسليط الضوء على الاختلاف المبدئي بين التراث والواقع
الذي تمارس فيه الخطابات بمختلف الحقول المعرفية، وهي تعمل على اكتشاف الأجزاء المهمشة
والمخفية والمطموسة في خطاب ما، وفرز هذه الأجزاء المخفية بعد تفكيكها، لمعرفة كيف
تمارس دورها ضمن البنية العامة للفكر، ومن ثم معرفة مكامن الضعف والقوة، وعلى هذا الأساس
نتوصل إلى إمكانية أكبر وفعالية أكثر لنقد شروط إنتاج ثقافة معينة والوظائف التي تملؤها
هذه الثقافة وتقوم بها.
ومن أهم المفاهيم النقدية التي ركزت عليها
هذه المقاربة(٣) نجد:
• الاختلاف: وينجم عن هذا المفهوم النقدي
تعدد التحليلات والتفسيرات انطلاقا من تعدد تفسير المعاني، وهذا يكسب الخطاب قدرة على
تزويد المتلقي بكم هائل من الاحتمالات والدلالات، فتجعله بذلك يعيش في كنف الخطاب بجميع
حيثياته، إلى جانب دفعه لاكتشاف المعاني الخفية فيه.
• التمركز: يرفض دريدا التمركز
الذي يؤدي إلى استخدام المركزية في غير موضعها، فالمركز بالنسبة له يمثل الجزء الأساس
من التركيب الخطابي والعنصر الواضح الدلالة.
• الأثر: يمثل لدى دريدا كل علامة لغوية، كما يعد كذلك قناة للارتباط بالنصوص والعلامات
السابقة وللانمحاء في علامات أخرى لاحقة في نشاط معمم للغرس
والبعثرة والتوليف.
من هذا المنطلق، يمكن أن ننتهي إلى أن التفكيكية
عند جاك دريدا، بمثابة آلية لتفتيت النصوص وإعادة بنائها، بطريقة تسير عكس منطلقاتها، حيث قرأ تاريخ الفلسفة الميتافزيقية من خلال التركيز
على فينومينولوجيا هوسرل بشكل
خاص، والتي ساهمت في بلورة الآليات المعتمدة في التفكيكية، واستفاد منها دريدا في صياغة
مفهوم الاختلاف وقامت عنده التفكيكية على جملة من المبادئ تتمثل أبرزها في تفادي الوقوع
في فخ المقابلات الثنائية الميتافزيقية في ميتافزيقا الحضور
والكتابة والاختلاف والإرجاء، والانتشار والتشتت وغير ذلك.
خاتمة:
يتضح إذن مما سبق أن الخطاب وتحليل الخطاب من المفاهيم
التي أثبتت جدارتها وفرضت نفسها في مجموعة من الحقول الفكرية، فقد ازدهرا بقوة بظهور
مباحث علم اللسانيات وما تلا ذلك من تطورات منهجية ونقدية، امتدت لتشمل حقولا أخرى
كالأدب والفلسفة، وغيرها من العلوم والمعارف المعاصرة التي جعلت من تحليل الخطاب ركيزة
أساسية لفهم وتحليل النصوص والقضايا.
ونخلص في النهاية إلى أن مفهوم الخطاب يمتح قيمته
النظرية وفعاليته الإجرائية من كونه يقف راهنا في مجال الأدب والفلسفة، في نقطة تقاطع
أو تلاقي بين تحليل الخطابات والإجراءات التطبيقية والمقاربات التي تستوجبها عمليات التحليل، بل إن مفهوم تحليل الخطاب قد يعود بنا
أدراجنا إلى ما هو أعم، باعتباره مفهوما إجرائيا في تفكيك وتفتيت النصوص والوقائع ومرجعياتها،
وذلك عن طريق إعادة النظر وتعميق الرؤية في أنساق المعرفة التي اتخذت من الواقع واليومي
سندا لها.
المصادر والمراجع
الأسس الفلسفية لنقد
ما بعد الحداثة، سعد الله سالم، دار الحوار للنشر والتوزيع، سورية، ط١، ۲۰۰۷م.
أصول الخطاب الفلسفي، محمد اليعقوبي، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
ط١،
۱٩٨۷م.
بين الخطاب الأدبي
والخطاب الفلسفي، خضرة حمراوي، مجلة كلية الآداب واللغات
بسكرة، العدد ۱۲، بسكرة، الجزائر،
۲۰۱۷م.
دريدا وتفكيك الميتافزيقا، شكري الولهازي،
مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد ۱٤۱/۱٤۰، بيروت، ۲۰۰۷م.
في نشأة اللغة، مايكل كورباليس، ترجمة ماجد عمر، مجلة عالم المعرفة، عدد ٣٢۵، الكويت،
ط١، ٢۰۰٦م.
الكتابة والاختلاف، جاك دريدا، ترجمة
جهاد كاظم، دار النشر توبقال الدار البيضاء، ط ٢، ٢٠٠٠م
اللسانيات البنيوية، حفيظ
إسماعيلي علوي، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد ۱۲٤/۱۲٥، بيروت، ۲۰۰۲م.
مدخل إلى فلسفة جاك
دريدا،
سارة كوفمان، وروجي لابورت، ترجمة
الخطابي وكثير، أفريقيا الشرق، ط ۲، الدار البيضاء، ۱٩٨٩م.
مساهمات في ديداكتيك الفلسفة، عبد الوهاب الجامعي،
منشورات صدى التضامن الدار البيضاء، ط١، ۲۰۱۳م.
معجم تحليل الخطاب، باتريك شارودو وآلان منغونو، ترجمة لمهيري
وصمود، دار سيناترا، تونس، ط١، ۲۰۰٨م.
مصطلحا الخطاب والنص، فاتح زينون، مجلة
كتابات معاصرة، المجلد ۱٨ العدد ۷۰، بيروت، لبنان، ۲۰۰٨م.
المرايا المحدبة من
البنيوية إلى التفكيك، عبد العزيز حمودة، مجلة عالم المعرفة،
العدد ۲۳۲، الدار البيضاء،
۱٩٩٨م.
مناهج النقد الأدبي، يوسف واغليسي، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، (ط١)، ۲۰۰۷م.
نشأة الفلسفة العلمية، هانز ريشنباخ، ترجمة فؤاد زكرياء، المؤسسة
العربية للنشر، سورية، ط ۲، ۱٩۷٩م.
في تحليل الخطاب الاجتماعي:
قراءة في المفاهيم والمصطلحات، حسن مالك، مجلة تجسير، المجلد۱، العدد۱، قطر، ۲۰۱٩م.
(۱) في
تحليل الخطاب الاجتماعي: ۱٦٤.
(۲) في تحليل الخطاب
الاجتماعي: ۱٦٥.
(٣) مصطلحا الخطاب والنص: ٩٥.
(۱) معجم
تحليل الخطاب: ۱٨۰.
(٤)
في نشأة اللغة: ٣١.
(1)
Que cherchent les analystes du discours? : 2.
(۲) تحليل الخطاب الروائي: ۱۷.
(۳) مصطلحا
الخطاب والنص: ٩٦.
(۱) تحليل
الخطاب الروائي: ۱٩.
(۲) تحليل
الخطاب الروائي: ۲۰.
(۳) تحليل
الخطاب البيداغوجي: ٤۱.
(۱) تحليل الخطاب البيداغوجي:
٤۱.
(۲) تحليل
الخطاب البيداغوجي: ٤۲.
(۱) لسان
العرب (ح ل ل): 2/300.
(۱) معجم
تحليل الخطاب: ٤۳.
(۲) معجم
تحليل الخطاب: ٤٤.
(١) معجم تحليل الخطاب:
٤٤.
(٢)
معجم تحليل الخطاب: ٤۵.
(۱) فهم
فيرديناند دو سوسير وفقا لمخطوطاته: ۲٥.
( ٢) اللسانيات
البنيوية: ۱۲۲.
(٣) اللسانيات البنيوية: ١٢۳.
La
philosophie théoritique: 53.
(1)
(۲) مساهمات
في ديدياكتيك الفلسفة: ۲۲.
(۱) أصول
الخطاب الفلسفي: ٨۷.
(٢) مساهمات في ديداكتيك الفلسفة:
١۷.
(٣)
نشاة الفلسفة العلمية: ۱۱۳.
(٤) بين الفلسفة والأدب: ٣۵٩.
(۱) بين
الخطاب الادبي والخطاب الفلسفي: ۳٥٩.
(٢) مناهج
النقد الأدبي: ٩.
(۱) الأسس
الإبستيمولوجية للنظرية اللسانية: ۲٥.
(۲) مناهج
النقد الأدبي: ٦٤.
(۱) المرايا
المحدبة من البنيوية إلى التفكيك: ۱٦۱.
(۲)
الأسس الفلسفية لنقد ما بعد الحداثة: ٦٨.
(۱) فهم
فيرديناند دو سوسير وفقا لمخطوطاته: ۲۲٥.
(۲) مناهج النقد الأدبي:
٩۳.
(۱) دريدا
وتفكيك الميتافزيقا: ٨۷.
(۲) مدخل
إلى فلسفة جاك دريدا: ٥۲.
(٣) دريدا وتفكيك الميتافزيقا: ۸۷.